السبت، 6 أبريل 2013

الرأسمالية سبب نشوء كل الأزمات الاقتصادية في العالم ونظام الاقتصاد الإسلامي الذي تطبقه دولة الخلافة كفيل بمنع وقوع الأزمات

الرأسمالية سبب نشوء كل الأزمات الاقتصادية في العالم ونظام الاقتصاد الإسلامي الذي تطبقه دولة الخلافة كفيل بمنع وقوع الأزمات


إن النظام الرأسمالي المهيمن على الأنظمة الاقتصادية في العالم هو الذي يتسبب في اندلاع الأزمات المالية والاقتصادية المتعاقبة في جميع أرجاء المعمورة بما فيها الأزمة العالمية الأخيرة والتي ضربت جميع دول العالم وألحقت بها أفدح الخسائر، فما إن تهدأ أزمة حتى تنفجر أزمة أشد منها عنفاً ودماراً، حتى أصبح اندلاع الأزمات الاقتصادية في العالم هو الأصل وهو الأمر الثابت والمشاهد بشكل دائمي، بينما بات الاستقرار المالي والاقتصادي هو الاستثناء.
 إن حقيقة المشكلة تكمن في النظام الرأسمالي نفسه، فهذا النظام هو أصل الداء وشر البلاء؛ لأن الأسس التي تنبني عليه الحياة الاقتصادية هي أسس مدمرة بطبيعتها. فطغيان الملكية الفردية في الرأسمالية على ملكية الدولة وعلى الملكية العامة قد أحال الدولة والمجتمع وغالبية القوى الاقتصادية الموجودة في الدول الرأسمالية إلى رهائن تتحكم بهم حفنة قليلة من الأثرياء الجشعين والاحتكاريين والمتخمين لا تتجاوز نسبتها في المجتمع العشرة بالمائة بمعظم ثروة البلد الإجمالية.
وليس من نافلة القول أن ركائز النظام الرأسمالي الاقتصادي قد تم إرساؤها منذ آدم سميث الأب الأول للرأسمالية من أجل خدمة طبقة متنفذة من الأثرياء الذين يتحكمون في مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية بسبب حيازتهم لغالبية الثروة في الدول الرأسمالية التي تحولت إلى مال سياسي يُسير العلاقات الدولية ويؤثر في الموقف الدولي.
وأهم هذه الركائز:
1)  النظام الربوي والمصارف الربوية:  وهذا النظام هو مصدر لا ينضب لتجميع الأموال والثروات بأيدي المرابين الكبار

2)  الأسواق المالية والشركات المساهمة:  وهي المصدر الثاني الذي يعتمد عليه ملاك الأسهم الكبار في تجميع أكبر الثروات بخبطات سريعة من خلال المضاربات التي تشبه إلى حد كبير ألعاب القمار والتي غالباً ما تُبدد مدخرات الفقراء ومتوسطي الحال.

3)  العملات الورقية الإلزامية غير المغطاة بالذهب أو الفضة والتي لا تعتمد إلا على قوة الإبراء القانونية:  وهذا الوضع للعملات الإلزامية الهشة أدّى إلى جعل الدولار الأمريكي عملة رئيسية للعالم فإذا انخفض سعر صرف الدولار انخفضت معه أسعار صرف معظم عملات العالم.
إن أمريكا بفعل هيمنة دولارها على عملات العالم أصبحت تتحكم في القوة الشرائية للمواطنين من سائر دول العالم. والنتيجة المأساوية التي آلت إليه أوضاع العملات المحلية بسبب تخفيض سعر الدولار هي أنه من بين كل عشرة دولارات تطبع هناك دولار واحد فقط له قيمة حقيقية بينما الدولارات التسع الأخرى هي مجرد أوراق لا تساوي قيمتها ثمن الورق الذي استخدم في طباعتها.

وما زاد الطين بلة أن الرأسمالية تم تحويلها في السنوات الأخيرة إلى نظام عالمي جبري تحت اسم العولمة وهو ما أدّى إلى زيادة في الفتك الاقتصادي العالمي وهو ما أدّى بالضرورة إلى إصابة الاقتصاديات الضعيفة بضربات قاتلة أدَّت إلى انتشار المزيد من المجاعات والفقر المدقع وما نجم عن ذلك من بؤس وشقاء.
أما الأغنياء في الدول الرأسمالية فلم يتأثروا بالأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم منذ العام 2008م بل إنهم ازدادوا غنى على غناهم، وقد أثبتت الإحصائيات الأخيرة أن الأغنياء في بريطانيا والدول الرأسمالية الكبرى ازدادوا ثراءً فعدد المليارديرات قد ازداد في هذه الدول بينما غالبية السكان في هذه الدول قد هبط مستواها إلى الحد الأدنى من المستوى الاقتصادي فيها. وبالرغم من هذا الهبوط الحاد لمستوى العامة إلا أن الحكام ما زالوا من الطبقة الغنية المنتفعة.
وعلى سبيل المثال فسبعة عشر وزيراً من أصل ثلاثة وعشرين وزيراً في بريطانيا هم من أصحاب الملايين وهو ما يؤكد أن الديمقراطية الزائفة في الغرب والتي هي انعكاس للرأسمالية الفاسدة لا توصل للحكم إلا من كانوا من أصحاب الثروات أو من خُدّامهم.

وحتى علاج الأزمات الاقتصادية في الدول الرأسمالية إنما كان على حساب الفقراء ومحدودي الدخل، فما يُسمى بخطط التحفيز ما هي في واقعها سوى ضخ لأموال الشعب أو ما يُسمى بدافعي الضرائب لملء المصارف المفلسة بالأموال ليبقى المرابون لديهم من الأموال ما يمكنهم من الاستمرار في العمليات الربوية لمص دماء الفقراء واستغلال عرقهم وجهودهم.

هذه هي الرأسمالية الفاسدة التي نخرها السوس بكل ما فيها من جشع وطمع واستغلال، وهذه هي معالجاتها الظالمة للأزمات الدورية التي نتجت عنها.
أما نظرة الإسلام للاقتصاد فهي نابعة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس. وهي نظرة لا يمكن أن تؤدي إلى ظهور أية أزمات اقتصادية أو مالية لأنها بكل بساطة وضعت نظاماً ربانياً يحول دون سيطرة أي طبقة في المجتمع على سائر الناس. ومن أهم الأسس الشرعية التي أرساها النظام الاقتصادي العالمي في الدولة الإسلامية هي:

1)  اعتماد الذهب والفضة كغطاء دائم وثابت للعملات:  وهو ما من شأنه أن يمنع حدوث أي انهيارات للعملة لأنه لا يسمح بتعريضها للانكشاف مطلقاً، وهو ما من شأنه إيجاد الاستقرار النقدي الدائم.
قال تعالى: )وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (، وقال عليه الصلاة والسلام: "في كل عشرين ديناراً نصف دينار وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم"، وقال: "وعلى أهل الذهب ألف دينار".
 
2)  إلغاء النظام الربوي وإبطال جميع الفوائد الربوية التي تم إبرامها قبل قيام الدولة:
قال تعالى: )الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا(، وقال: )فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ(.
وعن أبي بكرة قال: "نهى النبي r عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب، إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا"(أخرجه البخاري ومسلم)
فالربا هو شر الأموال وهو أس البلاء وأصل الداء. وبهذا الإلغاء يتم القضاء على مراكز القوة الربوية وعلى تأثير المال السياسي في الدولة.
3)  إغلاق الأسواق المالية وتحويل الشركات المساهمة إلى شركات إسلامية تعتمد على البدن (الجهد) في تنمية المال.
أي أن لا يتم إنشاء شركة إلا بوجود شريك البدن الحقيقي الذي يتحمل مسؤولية تشغيل المال وتكون يده يد أمانة. روى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي r قال: "إن الله يقول أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما".
وبتطبيق أحكام الشراكة في الإسلام ومنع وجود أسواق الأسهم والسندات نتخلص من تحول الأموال إلى أرقام وبيانات لا رصيد لها في الواقع وهذا يجعل الناس تشتغل بالأموال الحقيقية في اقتصاد حقيقي ويتم القضاء على الاقتصاد الطفيلي وعلى الاقتصاد الوهمي وعلى آفة المضاربات الشبيهة بالقمار التي تحقق الأرباح الخيالية للأثرياء الذين يجنون الأموال دون بذل أي مجهود.
4)  إلغاء حرية الأفراد للتملك وتقييد حيازة الأموال بالضوابط الشرعية التي تمنع الأفراد من الاستغلال والاحتكار وتمنعهم من الاعتداء على الملكية العامة وعلى ملكية الدولة.
فيمنع الأفراد من تملك المنافع العامة كما يمنعوا من حيازة أملاك الدولة. قال r: "المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار"
إن تطبيق هذه الأسس الأربعة لوحدها كفيل بإعادة توزيع الثروة توزيعاً عادلاً في المجتمع فلا يبغي أحد على أحد ولا تتسلط حفنة من الأثرياء على مقدرات المجتمع.
كما أن تطبيق هذه الأسس يضمن عدم وقوع هزات وأزمات اقتصادية في العالم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق