السبت، 20 سبتمبر 2014

استراتيجيات الأعمال السياسية الخارجية في الدولة الإسلامية




استراتيجيات الأعمال السياسية الخارجية
في الدولة الإسلامية


إن مجرد وجود أعمال سياسية خارجية لدى أية دولة تعني بالضرورة أن هناك حضور لها في الموقف الدولي، لذلك كان لا بد من إيجاد علاقات مع الدول الخارجية  من أجل إقامة أعمال سياسية معها.
لكن الأعمال السياسية المقصودة هنا إنما هي الأعمال التي تؤثر في السياسة الدولية تأثيراً واضحاً، وتؤدي بالتالي إلى إشغال الدولة حيزاً ملموساً في الساحة الدولية، وهو ما يجعل لها مكانة ووزناً بين دول العالم.
على أنّ منطلق جميع تلك الأعمال السياسية الخارجية يقتضي أن يستند إلى زاوية خاصة يُنظر من خلالها إلى جميع الأحداث السياسية في العالم، ومن دون هذه الزاوية لا قيمة للأعمال السياسية التي تُباشرها الدولة، وهذه الزاوية غالباً ما تكون ثابتة لا تتبدل ولا تتغير في الدول المبدئية، وعليها تُبنى جميع الأعمال السياسية الدولية.
وبالنسبة للدولة الإسلامية فإن نشر الدعوة الإسلامية إلى العالم هي الزاوية الخاصة الثابتة والدائمة التي تُبنى عليها كل السياسات والخطط والاستراتيجيات.
ولو استعرضنا الأعمال السياسية الخارجية للدولة الإسلامية التي أقامها الرسول r للمسنا أهمية الزاوية الخاصة فيها، فإنه عليه الصلاة والسلام قد حدّد زاوية العمل بعد ترسيخه للدولة الإسلامية، وبعد تنظيمه للمجتمع الإسلامي في المدينة المنورة تنظيماً دقيقاً.
فكانت معاداة قريش باعتبارها الحاجز المنيع الذي وقف في وجه الدعوة الإسلامية هي الإستراتيجية الأولى التي تبناها عليه الصلاة والسلام وحصر جميع الأعمال السياسية والحربية فيها.
فبعد أن أمّن جبهته الداخلية بعقد المعاهدات مع اليهود وفرض السيادة الإسلامية الكاملة على جميع سكان المدينة وما حولها، شرع بإرسال العيون لترصد قريش، وبدأ يتعرض لتجارتها، واشتبك معها في معارك عديدة كانت غزوة بدر ذروتها.
فكانت إستراتيجية التفرغ لقريش ومحاربتها مبنية على الزاوية الخاصة التي اتخذها كأساس لجميع الأعمال السياسية، ألا وهي نشر الدعوة الإسلامية وإزاحة العقبة الرئيسية التي تحول دون هذا النشر بمختلف الأعمال السياسية والحربية.
ولكن بعد معركة أحد وخسارة المسلمين فيها تغيرت الأوضاع السياسية والأمنية في المدينة وما حولها، وطمع أعداء جدد في المس بمكانة الدولة الإسلامية، وتمردت بعض القوى المحلية، واندلعت اضطرابات جديدة باتت تقترب من مركز الدولة الاسلامية، ولمعالجة هذه المستجدات غيَّر الرسول r في خططه، وتبنى استراتيجية ثانية اتخذ منها زاوية للعمل تتناسب مع الظروف الجديدة التي وجدت، ويمكن تلخيصها في القضاء على الاضطرابات الداخلية وتحصين الجبهة الداخلية، فقام عليه السلام بعدة أعمال سياسية وحربية وكان أهمها:
أ)  الإغارة على بني أسد الذين خططوا لغزو المدينة، وإلحاق الهزيمة بهم، وإنهاء خطرهم تماماً.
ب)  تدبير خطة ناجحة لاغتيال خالد بن سفيان الهذلي الذي كان يجمع الناس لقتال المسلمين.
جـ)  إجلاء يهود بني النضير عن المدينة بعد أن أخلّوا بالمعاهدة مع الرسول r.
وبهذه الأعمال أعاد الرسول r الهيبة للدولة الإسلامية.
وبعد نجاح هذه الإستراتيجية الثانية تعرض وجود الدولة الإسلامية نفسه للخطر بسبب تحالف قريش وغطفان وتواطؤ يهود بني قريظة مع هذا التحالف الخطر في وقعة الخندق فاتخذ الرسول r إستراتيجية ثالثة مبنية على تفكيك هذا التحالف ولو بتقديم التنازلات، واستخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف، فعرض على غطفان ثلث ثمار المدينة، وحفر الخندق، وحمل الصحابة على الصمود في أصعب الظروف، وعلّمهم الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله وحده، وكانت نتيجة هذه الإستراتيجية أن نجا المسلمون من هذا الكرب العظيم الذي لم يصابوا بمثله من قبل قط، وما أن زال ذلك الكرب الشديد حتى أمر الجيش بالهجوم على يهود بني قريظة فقال: "من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة" وما هي إلا أيام قليلة حتى تحولت بنو قريظة إلى أثر بعد عين.
ثم لما بلغه عليه السلام أخبار عن تواطؤ حصل بين قريش ويهود خيبر على غزو المسلمين وضع إستراتيجية رابعة رسم فيها خطة موادعة مع قريش وذلك ليحقق هدفين محددين وهما:
1)  عزل قوة يهود خيبر عن قريش وتفكيك التحالف بينهما.
2)  أن يخلي بينه عليه السلام وبين سائر قبائل العرب في الجزيرة لتسهيل نشره الدعوة الإسلامية.
وأثمرت هذه الاستراتيجية عن صلح الحديبية الذي كان فتحاً مبيناً للمسلمين، وتحققت الأهداف المطلوبة من هذه الاستراتيجية، وانتهت في النهاية ليس في القضاء على خيبر وحسب وإنما في القضاء على قريش نفسها.
لم يتوقف الرسول r عن رسم الخطط ووضع الإستراتيجيات المبنية جميعاً على زاوية خاصة وهي نشر الدعوة الإسلامية، بل إنّه وضع هذه المرة استراتيجية خاصة تتعلق بالدول العظمى آنذاك وهي فارس والروم، فأرسل الرسل إليها، وبدأ بالاحتكاك معها، وإيجاد علاقات أسّست لإيجاد أعمال سياسية وحربية خاضها معها، وكانت معركة مؤتة تتويجاً لها، ثم تبعتها غزوة تبوك التي كانت فاتحةً لما تلتها من فتوحات إسلامية كبرى قام بها المسلمون بعد التحاقه r بالرفيق الأعلى.
وهكذا فإن الأعمال السياسية التي تقوم بها الدولة الإسلامية يجب أن تستند دوماً إلى زاوية خاصة وهي نشر الدعوة الإسلامية، ويجب أن تكون هذه الزاوية شاملة للنظرة إلى العالم في كل حوادثه، كما يجب أن تُبنى كل الإستراتيجيات والخطط على أساس هذه الزاوية.
ومن خلال استراتيجيات العمل السياسي التي استخدمها الرسول r في الدولة الإسلامية الاولى نجد أن أبرز ملامحها تركزت على القواعد التالية:
1-  تحديد العدو الرئيسي للدولة الذي يجب حصر الأعمال السياسية تجاهه.
2-  الحرص على عدم فتح جبهات مع أعداء كثر في نفس الوقت، والعمل على تفكيك التحالفات التي تنشأ بين القوى المعادية للإسلام بقدر الإمكان والتفرد بها عدواً عدواً.
3-  حفظ هيبة الدولة باستمرار ولو أدّى أحياناً إلى الانكفاء وتحصين الجبهة الداخلية إذا تعرضت للخطر.
4-  العمل على إنشاء علاقات دولية جديدة وعلى إبقاء حضور دولي فاعل للدولة في المسرح الدولي.
5-  الإعداد الدائم والجاهزية العالية للقتال مع المواظبة على بناء قوة ردع ذاتية ضاربة باستمرار.
6-  تطوير الاستراتيجيات بشكل دائمي وفقاً للمتغيرات السياسية والأمنية.
هذه هي أبرز إستراتيجيات العمل السياسي لدى الدولة الإسلامية في أي زمان ومكان مستقاة من سيرة رسول الله r في بنائه للدولة الإسلامية الأولى.



الأحد، 27 أبريل 2014

مآلات الثورات العربية




مآلات الثورات العربية



قد يُصاب الكثيرون بالصدمة والإحباط جرّاء ما آلت إليه أحوال الثورات العربية، وما بلغته من نتائج قد تبدو للبعض هزيلة من جانب، وكارثية مدمرة من جانب آخر.
ففي مصر كبرى الدول العربية عاد العسكر إلى الحكم، وأحكموا قبضتهم على السلطة، بل وسخّروا لخدمتهم طائفة كبيرة من الناس ما كانوا ليحلموا يوماً بأنّ ينالوا تأييدها من قبل، لأنها كانت قبل الثورة ساخطة على الجيش، وعلى تمسكه بالسلطة.
فاكتسب العسكر شعبية لم يكونوا يتوقعوها قبل الثورة، وذلك  على الرغم من عودتهم إلى سياسات الدولة البوليسية، وتكميم الأفواه، وتقديس الحاكم الفرد، كما أصبح يُلاحظ في وسائل الإعلام المصرية الموجهة حملات اعلامية مصطنعة وموجهة تؤيد السيسي، وقد انتظمت هذه الاعلاميات المأجورة في جوقة واحدة لتعزف سيمفونية جديدة تعظم فيها من شخصية السيسي، وتخلع عليه أسمى الألقاب والصفات ، بل وترشحه بلا منازع للرئاسة المقبلة.
وفي ليبيا تسلم عملاء بريطانيا وأوروبا السلطة، وهاهم يحاولون جاهدين تمكين سياساتها الاستعمارية من خلال تحكمهم في كل قطاعات الدولة، ابتداءً من الأمن بتسليح وتدريب بريطانيا وايطاليا لآلاف الجنود، وانتهاءً بالنفط من خلال سيطرة الشركات النفطية البريطانية والمتحالفة معها لحقول النفط الجديدة في ليبيا.
 لذلك لم يكن غريباً أن تحاول الحكومات الليبية المتعاقبة القضاء على المسلحين من الثوار القدامى، واصفة إياهم بالميليشيات المسلحة الخارجة على القانون.
وهذا ما جعل ليبيا تتحول بعد الثورة إلى ما يشبه الكانتونات التي تتقاتل فيما بينها للاستحواذ على كعكة السلطة المغرية الا انها متمنعة على الجميع.
وفي اليمن تجتهد الدول الكبرى بل وتتنافس في المشاركة بترتيب أمور الدولة بما يخدم مصالحها، ويتفاوض عملاء تلك الدول على تمزيق وحدة الأراضي اليمنية من خلال طرح مشروع تقسيم جديد يسمونه فيدرالياً كما يريد الأمريكان، أو ما يشبه الكونفدرالية كما يريد البريطانيون والأوروبيون.
وفي تونس يتهالك زعماء حركة النهضة المحسوبة على الإسلاميين للاحتفاظ بحكم مهترئ ومهزوز، فيقدمون التنازلات تلو التنازلات على أمل عدم تهاوي حكمهم المتداعي.
وفي سوريا يستمر مسلسل الذبح اليومي ويشارك في حلقاته جميع القوى الدولية الكبرى ومعظم القوى الإقليمية في الشرق الأوسط بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا همَّ لدى كل تلك القوى الخارجية سوى إبعاد الجماعات الإسلامية عن الحكم، وإقصائها عن السلطة.
هذا هو باختصار شديد ما يطفو على السطح من نتائج مريرة للثورات، وهذا هو حصادها المر ومحصولها الفاسد، وهو الامر الذي جعل الكثير ممن راهنوا على مستقبل أفضل لهذه الدول بعد الثورات يُصابون بانتكاسة شديدة جراء ما لمسوه من فشل الثورات فشلاً ذريعاً في الوصول إلى أهدافها، وعجزها حتى عن استعادة تلك الكرامة المفقودة التي ثاروا أول ما ثاروا من أجلها، فداستها بساطير العسكر مرة أخرى كما كانت تدوسها من قبل مرات ومرات.
إنّ هذه المعطيات السلبية التي تمخضت عنها تلك الثورات لا شك أنها تبدو مخيبة جداً للآمال، وإنّ هذه النتائج التي آلت اليها أنظمة الحكم بعد الثورات لا يبدو أنّها تُبشر بخير، ولكن لو دقّقنا في نتائجها على المدى الأبعد ربما وجدنا فيها خيراً كثيراً.
تُرى فما هو هذا الخير الذي تبقى في هذه الثورات بعد كل هذا الشر؟؟!
لعل أول هذا الخير يتمثل في أن الأمة قد دبَّ فيها حراك حقيقي أعادها إلى الحياة بعد أن كادت تتحول إلى جثة هامدة لا نبض فيها منذ ضياع دولة الخلافة منها قبل ما يُقارب التسعين عاماً.
لقد أحيا هذا الحراك في الأمة من جديد تطلعات التغيير الشامل، مع أن هذه التطلعات كادت أن تندثر طيلة فترة سيطرة الأفكار الغربية الطويلة على عقليات غالبية الناس ونفسياتهم.
فمهما أصيبت الأمة بآثار مرضية فكرية خطيرة، فما زال فيها قابلية الاستشفاء، وقد أثبتت هذه الثورات أن تلك الآثار المرضية هي مجرد آثار عرضية سرعان ما تزول وتتلاشى.
ففي مصر لن يهنأ السيسي وأسياده بحكم عسكري مستقر كما كان الوضع أيام عبد الناصر والسادات ومبارك، لأن الشعب في مصر بعد الثورة قد اعتاد على المطالبة بالتغيير، وأصبح بالنسبة له عرف سياسي ثابت يمارسه يومياً، ولن يسكت عن ظلم بعد الآن، ولن ينام على ضيم أبداً.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن انقلاب العسكر قد أفاد الأمة من وجوه كثيرة أهمها: أنه قد أثبت أنّ أي تغيير من دون الاستناد الى الإسلام فإنّ مصيره الفشل، وأن الثورة ان لم يُسندها الجيش تبقى عُرضة للتبخر، وانها إن لم تكن إسلامية فلن يكتب لها النجاح أبداً.
وفوق ذلك قد أبقى هذا الانقلاب على جذوة الصراع بين الاسلاميين والعلمانيين متقدة، ومنع من وقوع صدام كان متوقعاً بين الإسلاميين أنفسهم.
ومن فوائد هذا الانقلاب أيضاً أنّه كشف عن الوجه الحقيقي لعملاء أمريكا في الجيش كما كشف وجوه جيوش من السياسيين والإعلاميين المرتزقة والذين ظهروا على حقيقتهم، فظهر أمام الملأ قبح وجههم، وفساد منطقهم، وعداءهم السافر للإسلام، خاصة وان الناس قد أدركوا حقيقة معنى سرقة المنتفعين والعملاء لثورات الشعوب بالتعاون مع أعداء الأمة.
وبناء على هذه المعطيات يمكن القول انه لا يُتوقع أن ينجح الانقلاب في مصر، ولن يتمكن من إعادة الاستقرار فيها كما كان في السابق، فالغليان فيها ما زالت بذوره مغروسة في تربة ثورية خصبة.
وأما في تونس وليبيا واليمن فما زالت الروح الثورية لدى الشعوب في هذه البلدان تعصف بأنظمة الحكم المصطنعة فيها، وما زالت تُحقن يومياً بدماء جديدة تدفعها باتجاه التغيير الجذري الجاد، وهو ما يجعل هذه الشعوب تتحين الفرص من جديد للاشتعال والانفجار ضد القيادات العميلة المفروضة عليها.
وأما في سوريا فبالرغم من كبر حجم المأساة واتساع رقعة الدمار وسقوط عشرات الآلاف من القتلى وتشريد الملايين، إلا أن نافذة الأمل ما زالت تتسع يوماً بعد يوم، وسقوط الطاغية في الشام بات مسألة وقت، ولولا الدعم المادي والسياسي الهائل الذي يتلقاه النظام من كل حدب وصوب لأصبح أثراً بعد عين.
ومن الأمارات الدالة على سير الثورة في سوريا في الاتجاه الصحيح استمرار تعثر الخطط الأمريكية في سوريا تعثراً بيّناً، ففشل المبعوثين الدوليين ابتداءً من الدابي ومروراً بكوفي عنان وانتهاءً بالأخضر الإبراهيمي، لهو أكبر دليل على فشل أمريكا ومجتمعها الدولي في فرض حلولها السياسية على الثوار.
ثم ان فشل الائتلاف الوطني والمجلس الوطني والمجلس العسكري بالرغم من تغيير الوجوه فيهما أكثر من مرة لهو دليل أيضاً على فشل رجال أمريكا في ركوب موجة الثورة، ولعل تشكيل عدة ائتلافات اسلامية تضم بداخلها عشرات الجماعات الاسلامية المسلحة، ورفضها للائتلاف الوطني، وعدم اعترافها به، يعتبر بحق نقطة تحول تاريخية في مسار الثورة نحو أسلمتها، واعتبار الإسلام والدولة الاسلامية هو الخيار الوحيد فيها والذي لا يحتمل اية المشاركة.
فالثورة في سوريا قد خطت بذلك خطوة جبارة نحو إقامة الدولة الإسلامية، وهو في الحقيقة يُعتبر البديل الحقيقي الجاد عن فكرة الدولة المدنية الديمقراطية.
إن تعاظم قدرة الثوار في سوريا وثباتهم على الطرح الإسلامي بوصفه الطرح الوحيد الذي بات يجمعهم، يدل عليه أيضاً صدهم لقوات بشار المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله بشكل مباشر، والمؤيدة من قبل أمريكا والغرب بشكل غير مباشر.
فصمود الثورة أمام جميع هذه القوى، بل وتقدمها احيانا وانتصارها عليها، ليدل دلالة أكيدة على وجود ثقل إسلامي حقيقي في سوريا يُرعب الغرب والشرق معاً.
 وإن مجرد انشقاق أكثر من نصف أفراد الجيش السوري عن النظام لهو انقلاب حقيقي ضد حكم بشار وضد نظامه، لم يحصل له نظير من قبل.
فمن كان قبل اندلاع الثورة في سوريا يتصور انقسام الجيش السوري على هذا النحو، وانشقاق آلاف الجنود والضباط عنه، وتكوين مجموعات عسكرية مسلحة باتت تشكل في مجموعها وعتادها القوة الأولى في البلاد، ولولا وجود ذلك الدعم الدولي والخارجي الضخم لنظام بشار لسقط منذ زمن بعيد؟!.
من كان يتصور قبل الثورة أن الله سبحانه وتعالى سيُيسّر للمسلمين أهل قوة ونصرة من المنشقين عن الجيش النظامي؟!
لا شك إن الثورة في سوريا اليوم تمر في مخاض عنيف، والأرجح أنّه لن ينتهي هذا المخاض إلا بولادة دولة الإسلام في بلاد الشام، وانّه وبالرغم من وجود بعض الخلافات حول تلك الدولة بين الفصائل المسلحة إلا أنها تبقى ضمن هامش الخلافات الطبيعية التي لا تنذر بخطر الزوال، فهذه الخلافات لن تؤدي إلى إجهاض الثورة، ولا إلى هزيمة الثوار، ولا الى تغيير توجهانهم الاسلامية، ولن يستطيع عملاء أمريكا والغرب من امتطائها أو احتوائها بعد الآن.
 وقد وجد بفضل هذه الثورة قادة عقائديون مبدئيون انصقلت خبراتهم   العسكرية  وامتزجت بالفكر الإسلامي الصحيح، وبات يصعب على أعظم قوى الأرض أن تسلبهم قوتهم المتميزة تلك، خاصة وأن حاضنتهم الشعبية قد شُحنت بأفكار الإسلام والقتال والجهاد، وبالتالي فلا أمل لأمريكا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء في سوريا، ولا أمل لعملائها بالعودة إلى السلطة نهائياً فيها.
فبقدر حجم التضحيات بقدر ما تتمخض هذه الثورة عن إنجازات عظيمة، وبقدر تكالب قوى الكفر والشر ضدها بقدر ما تُفرز هذه الثورة من مفاجئات لا يتوقعها أعداء الأمة.
  نعم قد تستطيع أمريكا وحلفاؤها وعملاؤها قتل الناس، وتهجيرهم، وتدمير البلاد، ونشر الرعب والخراب في كل مكان من سوريا، لكنها لن تستطيع أبداً منع قيام دولة الإسلام، ولن تستطيع أمريكا بفضل هذه الثورة المستمرة في سوريا بعد اليوم أن تفرض نظامها الديمقراطي الرأسمالي المهترئ على أي من تلك الشعوب الثائرة.



الخميس، 27 مارس 2014

حرمة العمل مع الحكام الظلمة في اربعة وظائف وهي العريف والشرطي والجابي والخازن


حرمة العمل مع الحكام الظلمة في اربعة وظائف وهي العريف والشرطي والجابي والخازن


عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على الناس زمان يكون عليهم أمراء سفهاء يقدمون شرار الناس ويظهرون بخيارهم ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكون عريفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا خازناً». رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح خلا عبد الرحمن بن مسعود وهو ثقة.
وفي رواية في كنـز العمال «... فمن أدركهم فلا يكونن لـهـم عريفاً ولا جابياً ولا خازناً ولا شرطياً» كنـز العمال - الخطيب عن أبي هريرة.

1
- حديث أبي يعلى ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الأربعة تحت حكم الأمراء السفهاء الظلمة بشكل مطلق. وفي حديث كنـز العمال نهي عن هذه الأربعة للحكام الظلمة خاصةً حيث ذكر في الحديث (لـهـم) واللام للاختصاص فالنهي متعلق بالحرس الخاص لهؤلاء الأمراء وبمن يجمع المال لهم ويخزنه لهم. ويحمل المطلق على المقيد فيكون النهي ليس عن العريف والجابي والخازن والشرطي على إطلاقها في الدول التي لا يحكم حكامها بالإسلام، وإنما النهي متعلق بالعريف والشرطي والجابي والخازن العاملين مع أشخاص هؤلاء الحكام أي المختصين بهم.


2
 - الذي يرضى بحكم الأمراء الظلمة السفهاء يكون آثماً لأن عدم تغيير الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله، وعدم الإنكار عليهم، أو الرضى بهم، كل ذلك إثم عظيم حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع» أخرجه مسلم.