الثلاثاء، 27 فبراير 2024

الدور القطري هو الأبرز في مفاوضات الهدنة المفوضية إلى الدمج والتطبيع

الدور القطري هو الأبرز في مفاوضات الهدنة المُفضية إلى (الدمج والتطبيع)
 
 
يقود رئيس جهاز المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز في العاصمة الفرنسية مُفاوضات مُعمّقة مع رئيس مُخابرات كيان يهود (الموساد) ديفيد برنياع، وبمُشاركة رئيس المُخابرات المصرية عباس كامل، بالإضافة إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وتحشد أمريكا في هذه الأثناء كبار موظفيها للضغط على كيان يهود لحمله على القبول بوقف إطلاق النار، فقد أوفدت بريت ماكجورك كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط إلى مصر وكيان يهود لتعزيز الجهود المبذولة للمضي قدما في صفقة التبادل، وأجرى ماكجورك الخميس 22/02/2024 محادثات مُكثّفة مع المسؤولين في كيان يهود، ومع عائلات الأسرى لدى حماس، ووصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي المحادثات بأنّها كانت "بناءة"، وقال إنّ: "المؤشرات الأولية التي نحصل عليها من بريت ماكجورك تشير إلى أن هذه المناقشات تسير على ما يُرام"، ومن الواضح أنّ إدارة بايدن ضغطت على كيان يهود لإرسال وفد منه إلى باريس على الفور لإكمال بحث صفقة تبادل مع حماس بعد أنْ كان نتنياهو قد رفض من قبل إرسال مثل هذا الوفد، ثمّ أرغم نتنياهو على إرسال الوفد بالفعل إلى باريس برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنياع ومشاركة كل من رئيس الشاباك رونين بار وقائد وحدة استخبارات الأسرى والمفقودين والمستشار السياسي لرئيس الوزراء أوفير فليك، وشارك سريعاً في المُفاوضات ثمّ عاد إلى تل أبيب للتشاور.
وكانت إدارة بايدن قد رفضت خطة نتنياهو التي أعلن عنها لليوم الذي سيلي الحرب في غزة بُعيْد الإعلان عنها، والتي كان نتنياهو يُريد بالإعلان عنها التملص من الضغط الأمريكي، وهي الخُطّة التي تقضي ببقاء السيطرة الفعلية للاحتلال على القطاع.
ونقل مصدر أمريكي عن الإدارة الأمريكية أنّها تسعى إلى إشراك دول عربية عديدة في مستقبل غزة والضفة، وأكّد أنه سوف يكون لقطر دور محوري في كل حل مستقبلي إلى جانب السعودية وتركيا والإمارات ومصر والأردن.
وكانت الولايات المتحدة قد عملت مع قطر بشكل مكثف على عودة التفاوض لإبرام صفقة التبادل بعد أن تولّت قطر مُهِمّة إقناع حماس بضرورة العودة إلى المُفاوضات، وتليين موقفها، والتخلي عن بعض الشروط التي لا تتحمل دولة يهود قبولها، وذلك من أجل إبرام صفقة تهدئة خلال شهر رمضان وما بعده، تمهيدا لوقف شامل لإطلاق النار.
وتزامن مع هذا الحراك الأمريكي والضغط على كيان يهود تصريحات لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق قال فيها: "إنّ حماس مستعدة لأن تُدير حكومة تكنوقراط فلسطينية أمور غزة، وإنّ حماس لا تنظر إلى حكم غزة كغاية"، وهذا ما يُمهّد لتفعيل الحل السياسي الذي تقوده أمريكا، والذي يُساعد في إمكانية عودة السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة والضفة الغربية في إطار جهود أمريكية ودولية لفرض حل الدولتين من منظور أمريكي وإنهاء الصراع، وتطبيع الدول العربية مع كيان يهود.
وسواء تمكّنت الإدارة الأمريكية من التوصل لصفقة وقف إطلاق النار حالياً أم لم تتمكّن، فإنّ الخط العريض لأهدافها السياسية مُستقبلاً قد بات واضحاً جلياً، وهو إخراج كيان فلسطيني محدود تحت دولة فلسطينية إلى حيّز الوجود، بحيث يكون بمثابة الضمانة الأكثر أماناً لبقاء كيان يهود في فلسطين مُهيمناً ومُستداماً.
فإيجاد مثل هذا الكيان الفلسطيني (المُشوّه) تحت اسم دولة يكون مُقترناً عضوياً بدمج كيان يهود في المنطقة دمجاً كلياً عبر تطبيع جميع الدول العربية معه، بوصفه دولة طبيعية في المنطقة العربية لا يختلف على وجودها أي زعيم عربي أو فلسطيني، وهذا يعني بالضرورة منح كيان يهود أقصى ما يتمنّاه من الحق بالوجود والأمن والاعتراف.
وبالنسبة لحماس فقد تمّ تسريب معلومات من جهات أمريكية تقول بأنّ عدّة دول عربية تسعى لدمج حماس في مُنظمة التحرير الفلسطينية، فقد أبلغ البيت الأبيض كيان يهود أنّ دولا عربية تعكف على صياغة خطة لـ(اليوم التالي لما بعد الحرب) في قطاع غزة تتضمّن بنداً يقضي بـ(دمج حركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية) وذلك وفقاً للإعلام العبري.
وبحسب هيئة البث الرسمية في كيان يهود فقد نقلت الجمعة 24/02/2024 عن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّها أبلغت (إسرائيل) بأنّ الخطة التي تعكف الدول العربية على صياغتها قد تتضمن بنداً يقضي بدمج حركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية، وقالت إنّ إدارة بايدن تضغط على رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو لإجراء مناقشة وزارية حول هذه القضية.
إنّ هذا الدمج من وجهة نظر أمريكا سيساعد في إعادة السلطة الفلسطينية (المُتجدّدة) لحكم قطاع غزة بضمانات منع الهجمات على كيان يهود، وهذه هي الرؤية الأمريكية لحل شامل للنزاع (العربي الإسرائيلي) في المنطقة.
 
وبموجب الخطة تقوم ترويكا مُكوّنة من (مصر وقطر والإمارات والأردن وتركيا) ببذل قصارى جهودها لحفظ أمن كيان يهود من خلال الضغط على حماس لالتزام الحل السياسي كخيار وحيد وأوحد للوصول إلى الدولة الفلسطينية الهزيلة (الموعودة).
 
إنّ أمريكا تقوم بكل شيء بخصوص هذا الصراع ولا تفعل هذه الدول إلا ما تُريده أمريكا، فهي مُجرد أدوات تُستخدم لتحقيق الأهداف الأمريكية، وتظهر قطر وكأنّها فاعل مؤثّر في المُفاوضات، وأنّها تملك خبرة أكثر لاعتمادها أمريكياً في الضغط على طالبان في مُفاوضات أفغانستان، وها هي تُعتمد مرة أخرى في الضغط على حماس لتقديم المزيد من التنازلات، وبذلك يكون دورها في هذه المُفاوضات هو الدور الأكبر في خيانة القضية الفلسطينية، وإنّه لمن العار على قطر، وعلى هذه الدول الخانعة أنْ تتجنّد في خدمة المصالح الأمريكية و(الإسرائيلية)، مُستغلين الكوارث التي يمر بها أهل غزة، فبدلاً من تقديم النصرة والمساعدة لأهل غزة، فها هي قيادة قطر وسائر القيادات الذليلة الأخرى تسعى بشكلٍ حثيث لتصفية القضية الفلسطينية، وتمكين وتجذير كيان يهود في قلب بلاد المسلمين.