الأربعاء، 29 نوفمبر 2023

روسيا تعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في افريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

روسيا تُعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في إفريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

ظهر مُنذ عدة أشهر تعاون عسكري واضح بين السلطات الروسية وبين خليفة حفترالحاكم العسكري لمنطقة شرق ليبيا، وذلك بهدف إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وقد قام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف بزيارة إلى ليبيا بدعوة من حفتر، وتُعد هذه الزيارة - وفقاً لوزارة الدفاع الروسية - هي أولى ثمار المحادثات الروسية الليبية في مؤتمر موسكو الدولي الـ11 للأمن والمنتدى العسكري التقني ومنتدى الجيش في بطرسبورغ في آب من العام الجاري 2023، وتهدف هذه الزيارة لإيفكوروف ترتيب مُهمّة التنفيذ العملي للاتفاقيات الروسية الليبية التي تم التوصل إليها في إطار المؤتمر المذكور.
 وذكر بيان روسي عن الكرملين أنّ المعارضين الرئيسيين لروسيا في القارة السوداء هم الولايات المتحدة وحلفاؤها في النات بما في ذلك فرنسا، وذكرالبيان بالنص: "ستعمل وزارة الدفاع الروسية على مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز مكانة موسكو في أفريقيا، وسيتعين على الفيلق الأفريقي الروسي إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لدعم البلدان التي تسعى إلى تحرير نفسها أخيرًا من التبعية الاستعمارية الجديدة، وتطهير الوجود الغربي وتحقيق السيادة الكاملة".
إنّ سعي روسيا لانشاء هيئة عسكرية تكون بمثابة قوة ردع لروسيا في افريقيا، أو لتكوين فيلق عسكري مُتكامل يكون مُخصّصا للقارة الافريقية، ويكون مُشابهاً للقوة العسكرية الأمريكية افريكوم يُعتبر من ناحيةٍ نظرية إنجازاً استراتيجياً كبيراً، وله قيمة كبيرة فيما لو ظهر له آثار على الارض، أو لو كان سعياً ذاتياً خاصاً بالدولة الروسية لوحدها، ولكن ما يجعله جهداً عبثياً ضائعاً لا وزن له على أرض الواقع، وما يجعله مُجرد مُحاولة إعلامية روسية فاشلة لا تُشكّل أي خطر على القوى الدولية التي لها تأثير في افريقيا الأمور التالية:
1 – لم تظهر أية أخبار جدية عن هذا الموضوع في وسائل الاعلام المشهورة، فلم يتم تداولها، ولا تسليط الضؤ عليها، وهو ما يدل على عدم جدية الاعلان عنها لأنّها لو كانت جدية لما تجاهلتها تلك الوسائل، والغريب أنّه لم يتم الاعلان عن هذه الهيئة بشكلٍ صريح الا في مناسبة واحدة، وهي زيارة نائب وزير الدفاع الروسي الى ليبيا بدعوة من خليفة حفتر، وكأنّ خليفة حفتر هو الذي يُشجّع الروس على الاعلان عن هذه الهيئة الوهمية.
2 – وإذا علمنا أنّ حفتر هذا هو رجل مخابرات أمريكي منذ خمسين عاما، وعلاقته حالياً وثيقة بعملاء أمريكا وبريطانيا كحكام مصر والسعودية والامارات فهذا دليل على انّ روسيا دولة هزيلة وضعيفة كونها تعتمد في الاعلان عن مشروع يتعلق بأمنها القومي على مثل هذه النوعية من الرجال.
3 – لو كانت روسيا جادة في انشاء مثل هذه الهيئة لأنشأتها منذ بدء توسع نشاطاتها في افريقيا خاصة في عهد رئيس مجموعة فاغنر الراحل يفغيني بريغوزين الذي أعطى زخماً قوياً للنشاط الروسي في القارة الافريقية آنذاك، والذي بعد موته ظهر ضعف واضح لروسيا في افريقيا، وتراجعت نشاطاتها العسكرية كثيراً في افريقيا.
4 – إنّ روسيا ومع كل نشاطاتها العسكرية في إفريقيا فهي لا تملك حتى الآن قاعدة عسكرية ثابتة واحدة فيها، وعجزت حتى الان عن اقامة قواعد عسكرية صغيرة ولو محدودة، بينما دول كالصين وتركيا والامارات وهي دولاً اقليمية وتابعة تملك قواعد عسكرية في افريقيا.
5 – إنّ انشغال روسيا في مستنقع حربها في أوكرانيا أضعفها كثيراً واستنزفها وأشغلها عن التوسع خارج مجالها الاقليمي الحيوي فيما لو رغبت في ذلك.
6 – ما زال الوضع الاقتصادي الروسي الضعيف أصلاً يزداد ضعفاً وهو ما لا يسمح لها باقامة هيئة عسكرية قارية مُوازية للافريكوم الامريكية.
7 – إنّه ومُنذ الاعلان عن رغبتها في التوسع العسكري في افريقيا الذي ظهر في المؤتمر الروسي الافريقي في بطرس بورغ قبل ثلاثة أشهر لم يترجم ذلك الاعلان منذ ذلك الوقت بأي عمل مادي على الأرض، ولم تظهر له أية بوادر روسية جدية تدل على البدء في تطبيقه، أو حتى وضع مُخطّطات له.
صحيح أنّ المؤسسة العسكرية الروسية كانت قد قامت بتوطيد علاقاتها مع نظيراتها الإفريقية مُنذ عام 2015 فوقّعت إحدى وعشرين اتفاقية عسكرية مع دول من بينها: أنغولا، وبوتسوانا، وبوركينا فاسو، وتشاد، وإثيوبيا، وغينيا، ومدغشقر، ونيجيريا، والنيجر، وسيراليون، وتنزانيا، وزيمبابوي، وصحيح أنّ الدولة الروسية استخدمت مجموعة فاغنر في تدخلاتها في عشر دول افريقية وهي: السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وزيمبابوي وأنغولا ومدغشقر وغينيا وغينيا بيساو وموزمبيق والكونغو الديمقراطية، صحيح ذلك كله، ولكن كل هذه العلاقات والنشاطات العسكرية الروسية الكثيرة في افريقيا لا تزيد عن كونها نشاطات (ميليشياوية) أكثر من كونها نشاطات دول كبرى.
وقد لوحظ أنّ أوسع نشاط عسكري لروسيا في افريقيا ضد القوى المنافِسة الدولية لها كان ضد فرنسا بشكل خاص، وفي دول غرب ووسط افريقيا بشكل أخص، وهذا يدل على أنّها لا تخدم المصالح الروسية على المدى البعيد، بل تخدم - من ناحية فعلية - المصالح الأمريكية الآنية كونها أسهمت في زعزعة الوجود الفرنسي في افريقيا، كما حصل من خلال الانقلابات العسكرية ضد فرنسا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وبالتالي كان ذلك النشاط العسكري الروسي عاملاً من العوامل التي ساهمت في الضغط على فرنسا للقيام بإجلاء قواتها من مستعمراتها السابقة، وهذا بلا شك أفاد الوجود الامريكي في افريقيا، والذي أصبح يحل محل الوجود الفرنسي في القارة الافريقية عموماً.
وكما قلنا أعلاه فإنّه مع كل هذا النشاط الروسي العسكري في افريقيا فإنّ روسيا لم تتمكّن من بناء قواعد عسكرية أو ايجاد أوضاع عسكرية ذات قيمة في افريقيا مُقارنة بأمريكا وفرنسا، فأمريكا مثلاً تمتلك 34 قاعدة عسكرية في افريقيا، وفرنسا تمتلك 16 قاعدة، بينما روسيا لا تملك الا عناصر فاغنر ومستشارين روس، وهي تبيع الأسلحة الروسية للدول الافريقية، لكنّ هذه الأدوات وما يُشابهها لا تنفع ولا تكفي في ايجاد نفوذ دولي استراتيجي.
وأخيراً نقول إنّ أمريكا قد كشفت بصراحة أنّها لا تخشى الوجود العسكري الروسي في افريقيا كما تخشى الوجود الصيني، ولعل أوضح تعبير في هذا السياق ما ذكره الجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) في إفادته أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس في حديثه عن المنافسة الروسية والصينية لبلاده في إفريقيا فقال:"أنا أقل قلقًا بشأن المنافسة الروسية.. أعتقد أنهم [الروس] أقل أهمية بالنسبة لي على المدى الطويل مقارنة بالصين. الصين هي مصدر القلق اليوم وعلى المدى الطويل".

الجمعة، 17 نوفمبر 2023

ترامب يفجر فضيحة مدوية تكشف حقيقة العلاقات بين أمريكا وايران

ترامب يُفجّر فضيحة مُدوّية تكشف حقيقة العلاقات بين أمريكا وإيران 


 
كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن طبيعة العلاقة اليومية التي كانت موجودة بين القيادات الايرانية في العراق وبين المسؤولين العسكريين الأمريكيين، وأوضح مدى حجم التنسيق بين الطرفين، وما ترتب عليه من خنوع النظام الايراني للاحتلال العسكري الأمريكي في العراق خنوعاً تامّاً، وهو ما عكس حالة من التبعية الايرانية الصريحة للسيّد الأمريكي في العلاقات الديبلوماسية والعسكرية بينهما.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد كشف يوم الثلاثاء 7 – 11 - 2023 وتناقلتها وكالات أنباء عديدة، ومنها حقيقة ما جرى بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وما حصل من قيام النظام الإيراني باستئذان الرئيس ترامب بالرد على عملية الاغتيال لحفظ ماء وجهها، وخشيتها من رد فعل أميركي أقوى، وذلك بحسب ما ذكر ترامب الذي كان يتحدث في شؤون انتخابية في ولاية تكساس بمدينة هيوستن الأميركية فنقلت الـ بي بي سي قول ترامب بما يلي:" قمنا بتخريب بعض الرادارات، وبعدها قتلنا سليماني، لقد كان عليهم أن يردوا لحفظ ماء وجههم، وهذا أمر طبيعي، ثم أبلغونا أنه سيتم إطلاق 18 صاروخاً على قاعدة أميركية في العراق (عين الأسد) لكنها لن تستهدفها مباشرة، بل ستستهدف فقط محيط القاعدة".
وأكّد ترامب ان أي جندي أميركي لم يصب بأذى في القصف الايراني، وأوضح أنه ذكرهذه القصة (السر) لأول مرة من أجل (إثبات احترام أميركا)، وادّعى بأنّ إيران في عهد بايدن لا تحترم الولايات المتحدة كما كانت تحترمها في عهده.
لم يأبه ترامب بفضح إيران على الملأ، وبذكره هذه القصة، لأنّ كل همّه كان الدعاية الإنتخابية لشخصه ولحزبه، ولو على حساب كشف تبعية ايران لأمريكا.
فهذه القصة التي رواها ترامب عن استئذان ايران لقصف محيط قاعدة عين العرب قصفاً شكلياً لحفظ ماء الوجه، هي في الواقع فضيحة سياسية لايران ولموقعها في محور المُقاومة، وهي كشف واقعي لطبيعة العلاقات العميقة بين امريكا وايران، وبيان أنّ العداء بينهما موجود فقط في وسائل الاعلان.
إنّ سياسة الدجل الايراني هذه تؤكّد أنّ الكلام عن قيادة ايران لمحور المُقاومة ما هو سوى مُزايدات ايرانية تُغطي بها حقيقة قيام ايران بطعن المُقاومة من الخلف، والدليل على ذلك أنّ هذه الحرب الشرسة التي تشنّها قوات دولة يهود على سكان غزة هي فرصة ذهبية لإيران بوصفها زعيمة محور المُقاومة لأنْ تتدخّل، وتُساعد فصائل المُقاومة - وهي في أمسّ حاجة للمُساعدة - لتمكينها من الثبات والصمود أمام تلك الحرب الضروس التي تستهدف وجودها وبقائها.
كانت إيران تُمنّي المُقاومة بأنّها سوف تتدخّل في المعركة لو دخلت دولة يهود في الحرب البريّة، وإنّها لن تتخلّى عنها إن وقعت تلك الحرب، وها هي بدأت الحرب البريّة، واجتاح جيش يهود قطاع غزّة، وقطّع أوصاله، وما زالت إيران تُمارس نفس  لعبتها المعهودة، فتُهدّد كلامياً، وتُثرثر إعلامياً، لكنّها لم تفعل شيئاً على أرض الواقع لنصرة غزة.
 وهكذا نجد أنّ محور المُقاومة الذي تتزعّمه ايران قد أثبت كذبه وزيفه، فحان أوان سقوطه، وإنّ سقوط قيادة أي مجموعة يستلزم معها سقوط المجموعة نفسها، فقد انتهى اليوم ما سمّي بمحور المقاومة، وبعد حرب غزة لن يكون له أي وجود.
فالمقاومة بالنسبة لإيران كانت دائماً لعبة سياسية تُمارسها، وليس عملاً مُقاوماً تتلبّس به، وهي تقوم بها كدور وظيفي ينحصر فقط في خدمة المصالح الأمريكية من خلال احتواء مجموعات المُقاومة، وحرف مسارها، وتوهين قواها، وكشف نقاط ضعفها، وجرّها إلى خوض معارك جانبية لإرهاقها وتشتيت قواها.
وبات واضحاً ما هي مادة هذه اللعبة الإيرانية والتي تتلخّص في إطلاق التصريحات النارية، وصياغة الفذلكات الكلامية التي يُراد بها رسم صورة وضّاءة لايران تُخالف حقيقتها المُظلمة، فمثلاً استبق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي القمّة العربية الإسلامية في الرياض بالقول: إنّنا لا نريد كلاماً وإنّما نريد أفعالاً، وهو يعلم في قرارة نفسه أنّ هذه القمّة التي سيشارك هو فيها لا يخرج عنها شيئاً سوى الكلام.
ومثلاً عندما سُئل المندوب الإيراني في الأمم المُتّحدّة عن أحداث السابع من أكتوبر، وبعد أنْ تبرأ من أية علاقة لإيران بها، أجاب بأنّ ايران لو كانت مكان حماس فإنّها لا تفعل ما فعلته حماس في ذلك التاريخ.
هذه هي إيران، وهذه هي حقيقتها، إنّها مزيج من الكذب والتحايل والخداع، تتحدّث أمام الغرب بلغة، وتتحدّث أمام الشعوب الإسلامية بلغةٍ مُعاكسة تماماً.
والحقيقة أنّ الفضيحة التي فجّرها الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص إيران تؤكّد طبيعة القيادة الايرانية المُتواطئة مع أمريكا دوماً، والمُرتبطة بها دائماً، وتُبيّن أنّها لا تختلف عن الدول العربية إلا بالشكل الخارجي، فإذا كانت الدول العربية تابعة لأمريكا والغرب ظاهراً وباطناً فإنّ إيران تابعة لأمريكا والغرب باطناً ومُعادية لهما ظاهراً.

الاثنين، 13 نوفمبر 2023

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة!
 
 
الخبر:
 
تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال تليفوني يوم الأحد الماضي بنظيره (الإسرائيلي) إسحاق هرتسوغ عن تصريحاته التي أدلى بها خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم الجمعة الماضي - والتي أثارت ضجة داخل كيان يهود - فاتصل الرئيس الفرنسي بهرتسوغ وقال له إنّه "يدعم بشكل لا لبس فيه حق (إسرائيل) في الدفاع عن النفس"، وقال المتحدث باسم الرئاسة في كيان يهود إنّ "الرئيس ماكرون أوضح أنه لا يقصد إلقاء اللوم على (إسرائيل) لتعمدها إيذاء المدنيين الأبرياء في حربها ضد حماس، ولكن من المهم مواصلة البحث عن حلول للأزمة الإنسانية في غزة".
 
وكان الرئيس الفرنسي قد قال يوم الجمعة بشكلٍ لا لبس فيه: "إنّ القصف (الإسرائيلي) بات يستهدف المدنيين والنساء والأطفال، ولا مشروعية له، داعيا (إسرائيل) إلى التوقف عن ذلك"، وأضاف في مقابلة مع بي بي سي: "في الواقع، اليوم يتم قصف المدنيين، هؤلاء الأطفال، هؤلاء النساء، هؤلاء المسنين، يتعرضون للقصف والقتل، وليس هناك مبرر لذلك ولا شرعية، وندعوها لوقف إطلاق النار"، وأكّد على أنه: "لا يوجد مبرر للتفجيرات، وأن وقف إطلاق النار سيفيد (إسرائيل)".
 
التعليق:
 
لم يصمد الرئيس الفرنسي على تصريحاته المُندّدة بشدّة بقصف جيش دولة يهود للمدنيين في غزة لأكثر من أربع وعشرين ساعة! فبين يوم الجمعة ويوم الأحد انقلبت تصريحاته رأساً على عقب، وتراجع عن تحميل كيان يهود قصف المدنيين، كما تراجع عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكلٍ مُذلّ بعد أنْ أدرك حجم الغضب اليهودي عليه.
 
وجاء هذا التراجع بعد أن هوجم ماكرون بشدة من جانب رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو ووزراء حربه، حيث قال نتنياهو في تصريح مشترك مع غالانت وبيني غانتس، حسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: "لقد ارتكب ماكرون خطأً فادحاً، خطأ واقعياً وأخلاقياً".
 
فالرئيس الفرنسي في تصريحاته الأولى يوم الجمعة حاول أنْ يخرج قليلاً عن مواقف الدول الغربية الخانعة لأمريكا والمُمالئه لجرائم كيان يهود، وحاول أنْ يجد لدولته مكاناً فيه شيء من الاستقلالية، والابتعاد عن تلك المواقف المُساندة لدولة يهود بطريقةٍ فجّة، والتميّز عنها بشكلٍ من الأشكال، لكنّه ما إنْ خرج قليلاً عن الخط المرسوم حتى تلقى الصفعة فوراً من نتنياهو فأفقدته صوابه، وأعادته إلى رشده في السير باتجاه طريق الانحياز الأعمى لكيان يهود.
 
فهل فرنسا بهذه القيادة المهزوزة ما زالت دولة عظمى مُستقلّة؟! فإذا كانت عاجزة عن اتخاذ موقف مُستقل في قضية إقليمية صغيرة، فهل تملك التأثير الحقيقي في الموقف الدولي؟! وهل بقي لها وزن أصلاً في المسرح الدولي؟! فهي حتى لا تستطيع أنْ تكون في مُستوى دولة كالصين المعروف أنّها لا تأثير لها في منطقة الشرق الأوسط كفرنسا، ولكنّها مع ذلك لا تنجر انجرار فرنسا الأعمى لدعم دولة يهود.
 
إنّ هذا التراجع الفرنسي السريع عن موقف مبدئي حاولت فرنسا أنْ تتبنّاه في خضم هذا الصراع الشرق أوسطي يدل على أن فرنسا لا تعدو كونها دولةً ذليلة هزيلة، لا تستطيع أنْ تخرج عن محور السياسات الأمريكية، بل لا تجرؤ على مُجرد مُخالفتها.