الأربعاء، 7 ديسمبر 2022

سر العلاقة بين السعودية ولعبة الجولف

سر علاقة السعودية بلعبة الجولف

قامت السعودية في الآونة الأخيرة باستحداث بطولة رياضية جديدة غير معروفة على مستوى الجماهير، ولا يوجد لها أي حضور شعبي في المنطقة، ألا وهي بطولة الغولف، وقد تكفلت السعودية بدعم هذه اللعبة بكل بذخ، والتزمت بدفع مبلغ 100 مليون دولار بشكل دوري لتمويلها.

وبالتدقيق في هذا الخبر الغريب يتبيّن أنّ سر هذه العلاقة تقف وراءه أصابع رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب الذي اعترف صراحة بحاجة منظمته للغولف لملايين الدولارات السعودية في مُقابل حاجة محمد بن سلمان لحمايته من السقوط وهذا ما دفعه لتبني هذه اللعبة المكلفة، فهو إذاً نوع جديد من الابتزاز الأمريكي لحكام آل سعود، وقد قال ترامب ذلك بوضوح: "إنّ كل الأغنياء الذين أعرفهم أموالهم محدودة، ولا يريدون أن يخسروا 100 مليون دولار لبقية حياتهم، وإنّ السعوديين على استعداد للإنفاق في هذا الشأن، ولديها جيوب غير محدودة"، وزعم أنّ: "السعودية تحب الغولف"!

فالسعودية التي استحدثت هذه البطولة التافهة ستنفق الملايين على أحداثها المغمورة التي وصلت إلى الحدث الثالث منذ تأسيسها في تموز/يوليو الماضي، وتُشكّل حلقاتها الكثيرة المُرهقة ما يُسمّى بسلسلة: "Live Golf Invitational" ويُشاركها نادي ترامب المعروف باسم بيد مينيستر
ولم تكتفِ السعودية بتمويلها لهذه البطولة وحسب، بل إنّها قامت أيضاً ومن خلال شركة دار الأركان بتوقيع صفقة مع منظمة ترامب بقيمة 1.6 مليار دولار لبناء مشروع ضخم للعبة الغولف في دولة عُمان يتكون من 3500 وحدة سكنية، وملعب غولف، وفندقين يضمان 450 غرفة، ومنتجع، وتمّ في هذه الصفقة استخدام العلامة التجارية لترامب الذي سيتم منحه أرباحاً مُقابل استخدام اسمه في المشروع.

ويأتي توقيع هذه الصفقة في التوقيت نفسه الذي أعلن فيه ترامب عن ترشحه رسمياً لمنصب الرئيس في انتخابات 2024.

إنّ هذا الإنفاق السخي من محمد بن سلمان لمنظمة ونادي ترامب ما هو في الحقيقة إلا عبارة عن تمويل قام به ابن سلمان لدعم حملة ترامب في الترشح للرئاسة بعد سنتين، إذ أصبحت السعودية بهذا المشروع من أكبر الممولين لحملة انتخابات الحزب الجمهوري، وأصبحت وكأنّها جزء من اللعبة الانتخابية الأمريكية.

وليس غريباً أنْ تقوم الحكومة الأمريكية بعد هذا الإنفاق السعودي السخي على ترامب وحزبه، وعلى الشركات الأمريكية المتعاقدة مع السعودية، ليس غريبا أن تقوم بمنح الحصانة القانونية لمحمد بن سلمان بما يضمن عدم ملاحقته ومساءلته على جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي مستقبلا.
قد يقال إنّ الرئيس الحالي بايدن والحزب الديمقراطي لا يستفيد من هذا التمويل السعودي لترامب وللحزب الجمهوري فلماذا تقبل إذاً إدارة بايدن بمنح الحصانة لابن سلمان، والجواب نجده في طبيعة الانتخابات الأمريكية التي تسمح للممولين بدفع أموالهم لصالح الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي، فالموضوع ليس ترامب وحزبه، أو بايدن وحزبه، بل الموضوع هو أمريكا بكل أحزابها، فما تدفعه السعودية من أموال ضخمة للعبة الغولف لا يستفيد منها ترامب فقط، بل تستفيد منها الشركات الأمريكية، واللاعبون الأمريكيون، والدولة الأمريكية نفسها، لذلك كانت عملية الابتزاز الأمريكي لابن سلمان تعود بإيرادات مالية ضخمة على الدولة الأمريكية لا مجال لرفضها.
وهكذا يُهدر ابن سلمان أموال المسلمين في مثل هذه الألعاب لا لشيء إلا لأجل تلبية مصالح أمريكا ولا يخدم أحداً في البلد إلا نفسه للحفاظ على منصبه، ولرفع اسمه من القائمة السوداء التي وضعتها أمريكا لملاحقة المطلوبين في ارتكاب جرائم واضحة من الصعب التكتم عليها.
فلو أنّ ابن سلمان استخدم هذه الأموال في بناء المصانع الحقيقية، وفي سد حاجات الناس الضرورية، وفي الاستثمار الجاد في البُنى والمرافق الحيوية لدولته، لو أنه فعل ذلك لتحولت السعودية إلى دولة مستقلة أو حتى دولة عظمى، أو لو أنّها أنفقت مثل هذه الأموال على فقراء المسلمين لما بقي فقير واحد في الأرض.
مّا إنفاقها على ملاعب الغولف والمنتجعات التي يتمتع بها اللاعبون الأجانب فهذا لا يخدم إلا أعداء الأمة، بل ويجعل من النظام السعودي أضحوكة أمام العالم يُضرب بها الأمثال على حجم تبذير وإضاعة الأموال على الآخرين بكل سفاهة وبلاهة.

الأربعاء، 30 مارس 2022

علماء الحرفة وحمل الدعوة

علماء الحرفة وحمل الدعوة

يمتاز العلماء المُتخصّصون بأداء أدوار عظيمة في خدمة الأمّة، سواء أكان هؤلاء العلماء فقهاء أو مفسرين أو أهل حديث أو أهل لغة أو مؤرخين أو غير ذلك، فالله سبحانه قد ميّزهم بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ فيبيّنون أحكام الإسلام التي يحتاج إليها الناس، وينفون عنه تأويل المُبطلين، ويتصدّون للمستشرقين فيسردون حوادث التاريخ، ويُحلّلون وقائعه من منظار إسلامي صحيح.
والمقصود بالعلماء هنا هم علماء الحرفة المُختصون المؤهلون لا عُلماء السلاطين المأجورين، ولا علماء الأهواء المنحرفين.
وبالرغم من عظم دور العلماء وأهميته إلا أنّ دور حملة الدعوة أعظم وأهم، فحمل الدعوة واجب عيني دائم لا ينقطع، وهو يشمل جميع المكلفين سواء أكانوا علماء أم عامّة، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ أي ولأنذر من بلغه، فالإنذار لكم أيّها الناس ولمن تقومون بتبليغه إيّاه، أي هو دعوة لهم أنْ يبلغوه عن الرسول ﷺ الذي قال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ أي إلى الإسلام، وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي إلى دينه، فحمل الدعوة واجب يتعلق بالأفراد والجماعات والأحزاب والدولة التي تقوم بواجبها في حمل الدعوة عن طريق الجهاد لقوله عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فحمل الدعوة عمل عظيم لا ينقطع، يغفل عنه كثيرون، وبه تحيا الأمّة بالإسلام، ومن خلاله تنهض.
والصحابة الذين حملوا الإسلام وطبّقوه لم يكونوا في جملتهم من العلماء، بل كان جلهم من حملة الدعوة، فالموضوع ليس متعلقاً بالعلماء المتخصصين أو ما يسمى بعلماء الحرفة، بل هو متعلق بحملة الدعوة، سواء أكانوا علماء أو غير ذلك، ونهضة الأمّة لا تتوقف على وجود العلماء أو العسكريين أو الإداريين، بل تتوقف على حملة الدعوة المُتكتلين الذين تحتضنهم الأمة.
فاستئناف الحياة الإسلامية والحكم بما أنزل الله والجهاد في سبيل الله أعمال تحتاج إلى حملة الدعوة قبل وأثناء وبعد الاحتياج إلى العلماء المُتخصّصين، أو المُقاتلين المُدرّبين، أو الإداريين من ذوي الكفايات العالية.
إنّ حملة الدعوة هم سياسيون جادون يتبعون قيادةً مخلصة واعية يعملون في الأمة ومعها، ويحملون همّها وحاضرها ومُستقبلها، ويعملون على رعاية كل شؤونها بمبدأ الإسلام العظيم بشموليته وربانيته، وبوصفه عقيدةً ونظام حياة، وفكرةً وطريقة، ولا يتمّ ذلك إلا بإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة.
فالعبرة تكون بحمل دعوة الإسلام والتلبس بها سواء أكانوا من العلماء أم من غيرهم، أمّا العلماء فإن كانوا من حملة الدعوة فلا يُخشى عليهم من الانزلاق والزلل، فيستطيعون تمييز الأمور، والإصابة فيها، وأمّا إنْ لم يكونوا من حملة الدعوة، ولا مُتلبسين بها، فربما يكونون عرضة للزلل والوقوع بالأخطاء الفادحة، وإطلاق الأحكام المجانبة للصواب، ولنأخذ مثالاً واحداً يوضح هذه الفكرة ويتعلق بعالم تاريخ معاصر هو راغب السرجاني في تفسيره للواقعة التاريخية المتعلقة بالصدام السياسي والعسكري بين الدولة العثمانية والدولة المملوكية، وهزيمة الأخيرة وسقوطها، فيصف السرجاني الدولة العثمانية بأنها المعتدية، وأنّ حربها على المماليك كانت انحرافاً كبيراً، فيقول: كان على العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول في ذلك الوقت أنْ يختاروا واحداً من أربعة اختيارات، الأول: حسم مسألة الدولة الصفوية، والثاني: الاستعداد لمواجهة القوى الكبرى التي برزت في غرب أوروبا كإسبانيا والبرتغال والنمسا، والثالث: ردع فرسان القديس يوحنّا، والرابع: الاهتمام بالأوضاع الداخلية للدولة، ويُضيف: "كان من المُتوقّع لسليم الأول أنْ يختار واحداً من هذه الاختيارات أو بعضها، ولكنّه أعرض عنها كلها واختار دون مُبرّر عقلي أو شرعي أنْ يجتاح دولة المماليك المُسلمة ليضمّها إلى أملاكه. إنّ هذا انحرافٌ كبير وشنيع في فكر الدولة العثمانية... وتخبّطٌ في الرؤية، فهو يُريد زعامة ومكانة بالسيطرة على مكة والمدينة والقدس، ولو على أشلاء المسلمين من الطرفين".

إنّ عدم تلبس راغب السرجاني بحمل الدعوة، وعدم إدراكه لمفهوم وحدة الأمة حول قيادة واحدة وخليفة واحد، وتأثّره بمفهوم الدولة القومية جعله ينحاز في تفسيره للتاريخ بعيداً عن الصواب واتباعاً للهوى، والرد الصحيح على كلامه من مُنطلق الفكر الإسلامي الصحيح، ومن زاوية حمل الدعوة وإيصال الإسلام إلى الحكم، ووضعه موضع التطبيق والتنفيذ يُمكن بلورته في النقاط التالية:

1- إنّ ما قام به سليمان الأول من توحيد مصر وبلاد الشام والأناضول وتراقيا في دولةٍ واحدة هو عمل عظيم واختيار أهم من الاختيارات الأربعة التي ذكرها السرجاني، لأنّه أمر يتعلق بوجوب وحدة المسلمين في كيان واحد قوي وليس إبقاءهم في كيانات ضعيفة متفرقة.

2- إنّ تحوّل هذه البلاد الإسلامية الواسعة إلى دولة خلافة واحدة، ونقل الخليفة العباسي الشكلي من القاهرة إلى إسطنبول، ومبايعته لسليم الأول بوصفه خليفة المسلمين هو عمل شرعي عظيم، أعاد به عصر الخلافة الحقيقية الذي كان يحكم الخليفة فيه بنفسه بعد أنْ كان مُجرد ألعوبة بيد المماليك.

3- أمّا الاختيارات التي ذكرها السرجاني وقال بأنّ سليم الأول لم يخترها فهذا غير صحيح، لأنّه ثبت أنّ سليم الأول قد هزم الدولة الصفوية واحتل عاصمتها، وهذا ما لم تفعله دولة المماليك، وقد غزا المناطق الشرقية لأوروبا، ومهّد الطريق لابنه سليمان لغزو وسط أوروبا ومحاصرة فينّا عاصمة النمسا، وواجه هو وابنه من بعده الأساطيل الإسبانية والبرتغالية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وحارب القراصنة الصليبيين هو وابنه من بعده، ونظّفوا البحر المتوسط من سيطرتهم، ولا أدل على ذلك من غزوات برباروسا البحرية المشهورة للجزر والموانئ التابعة للدول الأوروبية، وهذا أيضاً لم يفعله المماليك، وأمّا الاختيار الرابع فإنّ سليم قد قام بضبط أعمال الدولة وإيجاد الاستقرار فيها بقدر الإمكان، ومهّد لابنه سليمان القانوني الذي قام بأعظم الإصلاحات في الدولة العثمانية، وسمّي بالقانوني لأنّه أكثر من سن القوانين الشرعية لإصلاح الدولة، وهذا ما لم يفعله المماليك.

فلماذا إذاً هذا التحامل غير اللائق على رجل عظيم كسليم الأول قام بأعمال عظيمة في توحيد المسلمين وحماية بيضتهم، ولماذا وصَفَ أعماله بالانحراف الشنيع والتخبط في الرؤية، وأنه يريد الزعامة والمكانة ولو على أشلاء المسلمين؟

إنّ كلام السرجاني هذا واتهاماته الباطلة لسليم الأول بهذه الألفاظ لا يدل على موضوعية في تفسير التاريخ، بل يدل على تحامل وحقد بدوافع أشبه ما تكون بدوافع المستشرقين.

ما كان السرجاني وهو الباحث العميق المتخصص بالتاريخ أنْ يقع في مثل هذه الزلات الخطيرة لو كان حاملاً للدعوة، لأنّ حمل الدعوة يضبط علم العالم، ويحرسه من السقوط في مستنقع الأهواء.

السعودية تتنصل من إرثها الوهابي

السعودية تتنصل من إرثها الوهابي
 
تقوم السعودية بالتنصّل من إرثها الوهابي بخطوات مُمنهجة ومُتسارعة كان آخرها إعلان الملك سلمان عن يوم 22 شباط – فبراير – من كل سنة يوماً لتأسيس الدولة السعودية، واعتباره إجازة رسمية تحتفل الدولة فيه بذكرى تأسيسها سنوياً، وذلك باعتبار انّ محمد بن سعود قد أعلن عن تأسيس الدولة السعودية بتاريخ 22 – 02 – 1727 ميلادي.
وكانت السعودية في السابق لا تعتبر هذا التاريخ هو تاريخ التأسيس، بل كانت تعتبر تاريخ تأسيسها الحقيقي يعود إلى العام 1745 وليس إلى العام 1727، ففي العام 1745  تمّ الاتفاق التاريخي بين الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب على تأسيس الدولة، والفرق بين التاريخ الاول والثاني ثمانية عشر عاماً.
ففي العام 1727 كانت إمارة آل سعود صغيرة وضعيفة وغير قادرة على البقاء، وظلّت كذلك إلى أنْ  انضم محمد عبد الوهاب إلى محمد بن سعود في العام 1745 فأعطاها الزخم، وتوسّعت الدولة، وتمدّدت وترسّخت، وتمّ إرساء قواعدها المبنيّة على أساس المذهب الوهابي، فنالت بذلك ثقة المُستعمر الانجليزي الذي دعمها بقوة ضدّ الخلافة الاسلامية العثمانية، ووضع كل ثقله خلفها لتكون هذه الدولة السعودية الوليدة – فيما بعد – هي قاعدة السياسة البريطانية في المنطقة، ولتتحوّل إلى خنجر مسموم تستخدمه بريطانيا لتطعن به قلب الأمّة الاسلامية، ولتقود أكبر عملية انفصالية عن الدولة العثمانية.
هكذا إذاً تمّت ولادة الدولة السعودية الاولى وذلك بتقاسم السلطة بين الأمير والشيخ، فالحكم والسياسة والحرب للأمير، والدين والفتوى والعبادة للشيخ، فالأول ولي الأمر والثاني يمنحه الشرعية والطاعة الواجبة مُقابل احتكار المنصب الديني، وبذلك أصبح أبناء آل سعود هم الحكام، وأصبح أبناء آل الشيخ هم المشرعنون، وتأسّست الدولة على هذا الأساس، واستمرت كذلك لأكثر من قرنين من الزمان، وامتدت على هذا المنوال حتى هذه الأيام.
لكنّ السعودية اليوم بدأت تتجاهل هذا الاتفاق وتتنصل منه، وأصبحت تُغيّر الاسس التي بُنيت عليها الدولة منذ اكثر من مائتي سنة، فتتجاهل الاتفاق التاريخي بين ابن سعود وابن عبد الوهاب، وأصبحت تفصل الصفة الوهابية عن الدولة، وتُقدّم نفسها على أنّها دولة علمانية بستار وذريعة الدولة المدنية، وهذا هو السبب الراجح في اختيار تاريخ 1727 كذكرى تأسيس، والتخلي عن تاريخ 1745 والذي هو الذكرى الحقيقية له.
 يقول تركي الحمد أحد أبواق النظام:" إنّ تحديد يوم 22 شباط من كل عام لذكرى تأسيس الدولة باسم يوم التأسيس بدلاً من يوم الاتفاق التاريخي بين الأمير والشيخ إنّما هو للتأكيد على مدنية الدولة في جذورها الأولى، إذ قد جاء الشيخ إلى الدرعية مستنصرا وليس داعما أو مؤسّساً" ، وهذا الكلام الذي يتفوه به أبواق النظام فيه تزوير واضح للتاريخ لأنّ ابن عبد الوهاب لم يكن مستنصرا بل كان مؤسّساً وشريكاً لابن سعود.
ويُشبّه تركي الحمد الحركة الوهابية بالحركة المسيحية التاريخية فيقول: " كانت حركة عبد الوهاب التطّهرية الوهّابية أيديولوجية دينية ساعدت الدولة السعودية الاولى في التوسع بلا شك، وبعد ذلك انتهت مُهمّتها التاريخية مثل ما انتهت التطّهريّة المسيحية في بريطانيا وأمريكا حين التأسيس، واليوم انتهت هذه الضرورة وأصبحت جزءاً من التاريخ".
وكلام تركي الحمد هذا يدل بشكل قاطع على تنكر السعودية لدور ابن عبد الوهاب في تأسيس الدولة، ويدل على تعمّد  تحجيم دور الوهابية في بناء الدولة، ويدل كذلك على مُحاولة تفكيك الإرث التاريخي الذي يجمع بين مملكة آل سعود وبين الوهابية.
ومن الخطوات المُتسارعة الاخرى التي تخطوها السعودية في هذا الاتجاه التحضير لتغيير العلم السعودي وإزالة عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله من صفحته، والاستبدال بها عبارة المملكة العربية السعودية، إلا أنّ حكام السعودية عندما وجدوا استنكاراً شعبياً كبيراً ضد هذه الخطوة التي طرحها ما يُسمّى بمجلس الشورى السعودي، تراجعوا مؤقتاً عنها، وتراجعت حكومتهم عن هذه الخطوة مؤقتاً ريثما تتهيّأ الأجواء.
إنّ هذه المناسبات السعودية المخترعة مثل يوم التأسيس الذي شُرع حديثاً، واليوم الوطني الذي شُرّع من قبل، تُساهم في فضح الدور السعودي المُتآمر على الأمّة، ويكشف مدى عداء السعودية للاسلام، ويُشعل في نفوس أبناء نجد والحجاز الثورة ضد حكام آل سعود الذين تورّطوا حتى النخاع في الخيانة.
بقلم  احمد الخطواني

أمريكا تدفع مئات ملايين الدولارات كمساعدات عسكرية لاوكرانيا



*#خبر_وتعليق:
 #أمريكا تدفع 200 مليون دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا*

*#الخبر:*

أكدت وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحات رسمية أن رئيس أمريكا جو #بايدن وافق على تخصيص مبلغ 200 مليون دولار كمساعدات عسكرية عاجلة لأوكرانيا في ظل مواصلة الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية.

وأوضح وزير الخارجية الأمريكية أنتوني #بلينكن أن المساعدات الإضافية الأخيرة مخصصة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات الحديثة من أجل التصدي للهجوم الروسي.

*#التعليق:*

إنّ هذه الحزمة الأمريكية الجديدة من المُساعدات العسكرية لأوكرانيا تأتي في سياق تثبيت #أوكرانيا أمام الغزو الروسي لأراضيها، وتمكينها من استمرار الصمود أمام هذا الهجوم الروسي الكاسح عليها، وينسجم ذلك مع اتجاه السياسة الأمريكية العامة إزاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا والتي تستهدف إغراق روسيا في المُستنقع الأوكراني، وتحويل أوكرانيا إلى أفغانستان ثانية لإنهاك روسيا بحرب استنزاف طويلة الأمد.

وهذا الموقف الأمريكي الواضح المؤيد لتصعيد القتال في أوكرانيا يُقابله موقف أوروبي ضاغط لوقف القتال، ويتجلى ذلك في استمرار الاتصالات الألمانية الفرنسية مع #بوتين لحثه على وقف القتال هناك، فقد أوضح مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني أبلغا الرئيس الروسي أن الوقف العاجل والفوري لإطلاق النار في أوكرانيا أمر ضروري وشرط لإطلاق مفاوضات شاملة تنهي الحرب المستمرة منذ 24 شباط/فبراير الماضي، ولكنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض حالياً إنهاء الحرب على أوكرانيا، ويبدو أنّه يُريد تحقيق مكاسب محسوسة في #الحرب قبل وقف القتال.

وهكذا تتباين السياسة الأمريكية والسياسة الأوروبية من الحرب في أوكرانيا، فأمريكا تدعم استمرار الحرب لتحقيق ثلاثة أهداف:

1- إنهاك #روسيا وشل فاعليتها السياسية العالمية.

2- استمرار إلحاق #أوروبا بحمايتها الأمنية والسياسية من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي عليها بإطالة أمد هذه الحرب.

3- عزل #الصين عن روسيا وأوروبا.

وأمّا أوروبا فتسعى لإنهاء الحرب بكل ما أوتيت من جهود دبلوماسية لإحباط المساعي الأمريكية، ومُحاولة انتزاع الاستقلالية السياسية الكاملة وعدم ارتهان قراراتها السيادية الكبيرة لأمريكا، ومن ثمّ إعادة التوازن الدولي مرة أخرى بين القوى العظمى
احمد الخطواني

سرطان التطبيع نتاج طبيعي الاتفاقيات السلام الخيانية

جريدة الراية: سرطان التطبيع نتاج طبيعي
لاتفاقيات السلام الخيانية
 
 
يجري التطبيع في هذه الأيام بين الدول العربية وكيان يهود بخطوات سريعة وقفزات واسعة بلغت من الخيانة والوقاحة ما لم يكن يخطر على بال أي حاكم خائن من قبل، فهذا محمد بن سلمان يقول لوكالة الأنباء السعودية الرسمية: "إننا لا ننظر إلى (إسرائيل) كعدو، بل ننظر إليها كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها"، وهذا وزير خارجيته يقول: "إنّ اندماج (إسرائيل) في المنطقة سيكون مفيداً"، وأمّا وزير خارجية البحرين عبد الله بن خليفة فقد بلغت به السفاهة أن يقول: "الموساد موجود في البحرين وحاضر في المنطقة لتوفير مزيد من الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء"، ويقول الرئيس السوداني بإسفاف يصل حد التندر بأنّ: "العلاقات الأمنية مع كيان يهود قد ساهمت في كشف مجموعات إرهابية"، وأمّا تركيا التي نددت في البداية باتفاقيات التطبيع بين الدول العربية وكيان يهود فإنّها اليوم عادت وطبعت علاقاتها مع المطبعين ومع كيان يهود فزار رئيسها أردوغان الإمارات (أمّ المُطبّعين) لقاء دفع الإمارات لتركيا عشرة مليارات دولار، وقال بعد عودته بأنّ "المحادثات كانت مثمرة للغاية بين تركيا والإمارات، وأنها فتحت آفاقا جديدة وبزخمٍ قوي، وأننا مُصممون على مواصلة الجهود من أجل مصالحنا المشتركة"، فكلام الليل عند أردوغان يمسحه النهار.
وقامت الحكومة التركية بتحضيرات محمومة لاستقبال رئيس كيان يهود إسحاق هيرتسوغ، الذي زار تركيا مطلع هذا الشهر آذار/مارس ومن هذه التحضيرات:
1- إرسال إبراهيم كالين كبير مستشاري أردوغان وسادات أونال مساعد وزير الخارجية التركي لمدة يومين لكيان يهود تمهيداً للزيارة.
2- ضبط خلية إيرانية في تركيا كانت تستهدف مصالح وشخصيات لكيان يهود ومن بينها اغتيال رجل أعمال رداً على اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده.
3- تعاون الموساد مع السلطات التركية في إحباط 12 مخططا لشن هجمات ضد مصالح كيان يهود في تركيا.
4- تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية بين الدولتين.
5- بلغت تركيا قادة حركة حماس بطرد عناصر الجناح المسلح للحركة من أراضيها بعد طلب قدمه لها كيان يهود.
6- أعلنت تركيا بأنها لن تقدم أية مساعدات عسكرية لحماس.
7 - أرسلت تركيا وفداً دبلوماسياً إلى الأراضي الفلسطينية مهمته بحث إمكانية إعادة بناء جسور الثقة بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ونفتالي بينت رئيس حكومة كيان يهود.
وبعد كل هذه الخطوات التركية التطبيعية المفضوحة يطلع علينا مولود جاويش أوغلو وزير خارجيتها زاعماً بأنّ: "تطبيع العلاقات التركية مع (إسرائيل) لن تكون على حساب الفلسطينيين، وأنّه قد يساهم في تعزيز دور تركيا في التوصل لحل الدولتين"!
والحقيقة أنّ هذا التقارب بين الدولتين سببه إدارة بايدن التي أسقطت اتفاقية الطاقة والغاز بين كيان يهود واليونان وقبرص المعروفة باسم (إيست ميد) والتي تمّ توقيعها أيام ترامب لمصالح شخصية، وألغاها بايدن بجرة قلم ووصفها بأنّها غير ذات جدوى.
وهدف أمريكا من إسقاط تلك الاتفاقية إدخال تركيا في نظرتها المستقبلية البديلة عنها، لذلك نجد أنّ كل هذه الأعمال التطبيعية بين الدولتين الهدف منها تعزيز العلاقات بينهما من أجل التوصل إلى اتفاقيات غاز جديدة لشرق المتوسط تكون تركيا مُشاركة فيها.
فهذا التطبيع السرطاني مع كيان يهود الذي تقوم به تركيا والدول الخليجية والمغرب والسودان في الواقع لا يزيد الأمة الإسلامية إلا ضعفاً، بل هو يُمزّق شملها، ويقتطع من أراضيها، ويقوي شوكة دولة يهود فيها، ويجعلها - وهي الجسم الغريب المنبوذ في المنطقة - جزءاً طبيعياً مقبولاً وقوياً بين ظهرانيها، بالإضافة إلى كونه يُضاعف المصالح الأمريكية والأوروبية في بلاد المسلمين، ويزيد من نفوذ الكفار بكل أشكاله الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية فيها.
وما كان هذا التطبيع السرطاني ليحدث لولا إبرام اتفاقيات (السلام الخيانية) التي جعلت الدول الموقعة عليها تعترف بكيان يهود، وبحقه بالوجود في فلسطين قلب المنطقة العربية والإسلامية.
فالاعتراف بكيان يهود والصلح معه هو أصل الداء وأس البلاء، ولولاه لما وجد التطبيع ولا المطبعون، فالتطبيع كحالة هو بالفعل نتاج طبيعي لتلك الاتفاقيات الخيانية.
وعلى الشعوب رفض اتفاقيات الصلح مع كيان يهود وليس فقط رفض التطبيع معه، لأنّ اتفاقيات الصلح هي الأصل الفاسد الذي انبنت عليه أعمال التطبيع السرطانية، وإذا أردنا استئصال تلك الأعمال فعلينا أن نستأصل أصلها أولاً.
ومن هنا كان لا فرق في النظر بين من طبّع وبين من اعترف فكلاهما خيانة، فالعرب في مؤتمر الخرطوم الذي انعقد عام 1967 سايروا شعوبهم نفاقاً وكذباً، ورفعوا الشعارات الثلاثة بوصفها ثوابت سياسية حقيقية في التعامل مع المغتصب، وهي اللاءات الثلاث المشهورة: لا للصلح لا للاعتراف لا للمفاوضات، ثمّ بعد امتصاص غضب الشعوب إثر هزيمة 1967 انقلبوا على هذه الثوابت، وتفاوضوا مع قادة دولة يهود، ووقعوا معها اتفاقيات صلح واعتراف خيانية أنتجت فيما بعد ما نراه من علاقات التطبيع المقيت.
لذلك فعلى الواعين سياسياً أن يُبينوا للناس أنّ جريمة التطبيع ما هي إلا نتاج طبيعي لاتفاقيات الصلح الخيانية، فلا يقبل من أحد رفضه للتطبيع وقبوله بالاعتراف بحجة أنّه قرار دولي، ولا يُقبل تبرير أي مُسوّغ لقبول الاعتراف بحجة رفض التطبيع، فلا فصل بين الاعتراف والتطبيع فكلاهما جريمة، فالرفض يكون للأصل والفرع وليس للفرع دون الأصل.

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية

محمد بن زايد يقود المنطقة نحو الهاوية

تسود منطقة الشرق الأوسط في هذه الأيام حالة غير طبيعية من الاستقطاب السياسي الحاد، تتقاطع فيها السياسات المتناقضة، وتتقارب فيها ما يسمّونها بتيارات اليسار واليمين، بحيث لم يعد المتابع المتخصص يستطيع تمييزها عن بعضها بعضا، فتظهر الصورة السياسية العامة للمنطقة بسبب ذلك التداخل والتشابك فيها الكثير من الضبابية والتشويش، وينتج عنها تحالفات سياسية غير منسجمة مع نفسها لا يجمعها أي رابط، ولا تضبطها أية قاعدة من قواعد الربط السياسية المعروفة سوى جعل زمام القيادة لشخص رويبضة يتحكم بالآخرين خدمة لمصالح الدول الاستعمارية.
والذي يقف خلف كل هذه التناقضات السياسية والمخرجات السياسية المشوهة والمشبوهة شخص واحد حاقد ومخبول، ألا وهو الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد ربيب بريطانيا وعميلها المخلص.
ينطلق محمد بن زايد هذا في نشاطه السياسي الهدّام من ثلاثة مرتكزات وهي:
1- كراهيته للإسلام، فلا يدع عدواً للمسلمين إلا ويتحالف معه، فهو حبيب الهندوس والبوذيين واليهود والصليبيين، وهو بيدق بيد الكفار، ومعول هدم يستخدمونه في تأسيس ما يُسمّى بالديانة الإبراهيمية الجامعة للأديان بهدف هدم الإسلام من خلالها.
2- كراهيته (للديمقراطية) والانتخابات، فلا يدع ديكتاتوراً في الشرق ولا في الغرب إلا ويدعمه بالمال والإعلام، من مثل سيسي مصر وخليفة حفتر في ليبيا وغيرهما، وهو يعادي الديمقراطية ليس لأنّها نظام كفر، بل لأنّه يخشى السقوط بسببها، وما يترتب عليها من تداول للسلطة.
3- ولاؤه لبريطانيا واسترضاؤه لأمريكا، فهو يسير وفقاً لمخططات أسياده البريطانيين وتعزيز نفوذهم في المنطقة، والتشويش على السياسات الأمريكية بقدر الإمكان، مع استمراره في محاولات استرضاء الإدارات الأمريكية المتعاقبة وذلك بدفع الأثمان الثقيلة لأمريكا لضمان سكوتها عنه.
ولنأخذ حدثين سياسيين وقعا في أسبوع واحد كان محمد بن زايد عرّابهما وهما:
1- زيارة طاغية سوريا بشار الأسد للإمارات في 08/03/2022م واستقبال ابن زايد له استقبالاً مهيباً، أعيد بها تأهيله عربياً بعد أن طرد من الجامعة العربية بسبب جرائمه في سوريا وقتله وتشريده للملايين في العقد الأخير، فلم يجرؤ أي حاكم عربي على القيام بمثل هذه الخطوة الوقحة من دون إجماع عربي.
وغني عن القول إنّ بشار محسوب ظاهرياً على روسيا ومدعوم من إيران، وتؤيده تيارات اليسار لظنها أنّه معادٍ لأمريكا مع أنّه عميل أمريكي عريق، وجنّدت أمريكا إيران وجلبت روسيا لحمايته من السقوط، وتعمل على إفشال الثورة من أجله.

2- عقد قمّة ثلاثية جمعت محمد بن زايد مع كل من رئيس حكومة كيان يهود نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ في 21/03/2022م.

فابن زايد يتآمر ضد إيران مع كيان يهود في الوقت الذي يستقبل فيه حليف إيران بشار، فقد علم أنّ كيان يهود مستاء جداً من قرب توقيع أمريكا اتفاقاً نووياً مع إيران ورفع العقوبات عنها، ومنح أمريكا إيران صلاحيات واسعة في المنطقة، فدعا إلى قمة شرم الشيخ لدعم كيان يهود ضد إيران، وجرّ معه السيسي الأبله في المؤتمر، وبعث إلى ابن سلمان رسالة مفادها أنّه لا بد للسعودية من التطبيع الفوري مع كيان يهود لأنّ الوقت لا يحتمل الانتظار، وأنّه لا بد من الوقوف ضد إيران وقفة جدية.

فهو يُشكّل مع كيان يهود نواة تشويش للسياسات الأمريكية، ويسعى لعزل إيران، وتأجيل توقيع الاتفاق النووي مستغلاً تورط روسيا في حرب أوكرانيا، والعقوبات المفروضة عليها، ومحاولا استمالة ابن سلمان لتكتله.

وبريطانيا هي التي تدفع ابن زايد للقيام بهذه المناورات السياسية، ومنها التأثير على محمد بن سلمان للابتعاد عن أمريكا التي تتصرف ببرود معه، خاصة وأنّ إدارة بايدن لا تتعامل رسمياً مع ابن سلمان بسبب حادثة خاشقجي، بينما يأتي رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون ويكسر الحظر الأمريكي المفروض على ابن سلمان فيزور السعودية، ويجتمع به علناً، بحجة البحث في توفير كميات نفط إضافية لتعويض النقص الناجم عن الإمدادات الروسية للنفط.

فالدعم البريطاني لتحركات ابن زايد واضحة من خلال تزامن زيارة جونسون للسعودية، ودفع ابن سلمان للابتعاد عن أمريكا، والتنسيق مع ابن زايد لتشكيل ثنائي سياسي فاعل بدعم من كيان يهود.

ولإضعاف الموقف الإيراني يصطف ابن زايد مع بشار ليضعف جبهة إيران سوريا الأمريكية، ويشوش على سياسات أمريكا في توقيت حساس تنشغل فيه أمريكا بقضايا أهم كالمسألة الأوكرانية وتحييد الصين.

وهكذا يبدو ابن زايد وكأنّه زعيم لا غنى عنه في المنطقة، ويؤثّر فيها تأثيراً بالغاً، فيشتري أردوغان بعشرة مليارات دولار، ويشتري السيسي بالمال وبعقد المؤتمر في شرم الشيخ المصرية، ويبعد بشار الأسد عن إيران بالقدر الذي يمكنه من إقامة تكتل مع كيان يهود ضد إيران للتشغيب على الخطط الأمريكية، وبذلك يخلط الأوراق السياسية من خلال قيامه بعملية تجميع المصالح المتباينة للتشويش على السياسات الأمريكية ولو قليلاً، والأهم من ذلك كله فرض نفسه كقائد لا غنى عنه في إدارة دفة السياسات الشرق أوسطية، فتضطر أمريكا للتعامل معه وعدم تجاهله.

لقد وصلنا إلى عهد من الانحطاط السياسي يكون فيه أمثال محمد بن زايد وتميم بن حمد آل ثاني وأضرابهما من الذين لا يحكمون سوى إمارات صغيرة لا يزيد تعداد سكانها عن عدد سكان حي شبرة في القاهرة، فيكونون فيه من أهم قادة الشرق الأوسط، فيصولون ويجولون ويتآمرون، بينما حكام الدول العربية الكبيرة كمصر والسودان والعراق والجزائر والمغرب الذين يحكمون عشرات الملايين من البشر باتوا لا وزن لهم ولا نكاد نسمع لهم همساً!

الاثنين، 7 مارس 2022

الغزو الروسي لاوكرانيا والموقف الأمريكي منه

الغزو الروسي لأوكرانيا وموقف أمريكا 

ترى القيادة الروسية أنّ الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا هو ضرورة جيوسياسية مُلحّة لم تستطع روسيا تحقيقها بالوسائل السلمية والدبلوماسية، لذلك اضطرت إلى اللجوء للخيار العسكري لتأمين احتياجاتها الأمنية التي تعرضّت للتخلخل من جهة أوكرانيا.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في أوكرانيا بأنّه بات يُشكّل تهديداً وجودياً على روسيا نفسها، وأنّه لا بُدّ من اتخاذ إجراء الحياة أو الموت للحفاظ على مصالح روسيا الحيوية في المنطقة، ووصفت وسائل الإعلام الروسية حكام أوكرانيا الحاليين بأنهم من الموالين لأمريكا والغرب، وبأنهم نازيون جدد يسعون لامتلاك الأسلحة النووية، ويُريدون نشر الصواريخ الأمريكية الباليستية في أوكرانيا، وتهديد الأراضي الروسية والمدن الروسية ومنها موسكو، واعتبر بوتين أن روسيا إن لم تَغزُ أوكرانيا الآن فإنها ستُدَمّر في المستقبل، وأنّ عبث أوكرانيا بأمن روسيا هو خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.

إنّ أوكرانيا في الواقع هي لصيقة بروسيا جغرافياً وديموغرافياً، وهي حاجز فاصل بين روسيا والدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، وإنّ سقوط أوكرانيا بيد الحلف معناه سقوط آخر خط دفاع روسي ضد أمريكا والغرب، فأوكرانيا تختلف عن غيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة كجورجيا وأوزبيكستان مثلا، لأنّ الأخيرتين لا تقعان على خطوط التماس مع الغرب، فلا خطورة من قِبَلهما على روسيا كما هو الحال بالنسبة لأوكرانيا، لذلك اتخذت روسيا إجراءً حاسماً ورادعاً مع أوكرانيا مُختلفاً تماماً عمّا فعلته في مناطق أخرى، ولم تأبه روسيا للعقوبات الغربية، لأنّها تعتبر أنّ خسارتها لأوكرانيا أكبر بكثير من خسائرها نتيجة العقوبات.

أمّا أمريكا فتُدرك أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا، لذلك فهي تضغط على روسيا من خلال استخدام هذه الورقة الأوكرانية، وهي تحاول أخذها منها من خلال حكامها الموالين لها، ولا مانع لدى أمريكا لو تقاسمتها مع روسيا، فتأخذ روسيا المقاطعات الشرقية من أوكرانيا وتأخذ أمريكا الباقي.

أمّا الكلام عن أنّ روسيا تُريد تغيير موازين القوى العالمية وفرض نظام دولي جديد لصالحها، وإزاحة أمريكا عن زعامة العالم، وأنّ غزوها لأوكرانيا سيتسبّب باندلاع حرب عالمية ثالثة، وأنّ الصين ستدخل الحرب لاحتلال تايوان مستغلة الأزمة الأوكرانية، فكل ذلك تخمينات وأخاليط سياسية لا قيمة لها، ولا أساس لها من الصحة، فروسيا تُدرك حجمها وقوتها، ولا تُطالب بأكثر من تأمين مصالحها الحيوية في الدول الملاصقة لها، وهي تعلم أنّ أمريكا تغض الطرف عن غزوها لأوكرانيا، وما تقوله وسائل الإعلام الروسية والعربية المؤيدة لروسيا والتي تُضخّم من قوة روسيا فهو لا يزيد عن كونه تهويلاً إعلامياً وجعجعة كلامية.

وبالرغم من دخول القوات الروسية بزخم كبير للأراضي الأوكرانية لكنّها حتى الآن لم تحقّق نتائج تُذكر على الأرض، بل ومُنيت بخسائر فادحة، وأمّا ما تُشيعه وسائل الإعلام من كلام عن استسلام أوكرانيا وهزيمتها، ومنح أمريكا وبريطانيا حق اللجوء السياسي للرئيس الأوكراني فهذا يدخل ضمن باب خداع روسيا لتشجيعها في الدخول أكثر في المستنقع الأوكراني.

وأمّا العقوبات المالية والاقتصادية ضد روسيا فهي عقوبات خفيفة أو مُتوسّطة يمكن تحمّلها، وأمّا العقوبات الثقيلة التي تقصم الظهر فامتنعت أمريكا عن إيقاعها ضد روسيا، لأنّها لا تُريد إيذاءها كثيراً، لأنّ لأمريكا مصلحة في إبقاء روسيا لاعبا دوليا مُهمّا تستخدمها ضد أوروبا والصين، وتستخدمها في الشرق الأوسط وأفريقيا ضد خصومها من الأوروبيين والصينيين، فالعقوبات القاسية جدا مثل عقوبة طرد روسيا من نظام سويفت المالي العالمي فلا توقعها عليها، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس 24/02/2022: "إن حظر روسيا من نظام سويفت ليس مطروحاً على الطاولة في الوقت الحالي وإنه يفضل عقوبات أخرى".

والذي يدعو لإيقاعها هي بريطانيا وليس أمريكا، فبريطانيا هي التي تدعو لوقف عمل نظام سويفت في روسيا، وتؤيدها فقط دول البلطيق الثلاث؛ إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، أمّا ألمانيا فتعارض بشدة حظر روسيا من النظام، بينما تقول فرنسا وهولندا إن خيار حظر روسيا من سويفت سيتم اللجوء إليه فقط في حالة الضرورة القصوى.

ومعلوم أنّ نظام سويفت هو شريان مالي عالمي يسمح بانتقال سلس وسريع للمال عبر الحدود وهو جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، ويربط هذا النظام 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة، ويرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية، ويتم عبره تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات، ويساعد هذا النظام في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة وسلسة لأعضائها.

وسيؤدي حظر روسيا من التعامل عبر نظام سويفت لو حصل إلى التأثير على شبكة البنوك الروسية وقدرة روسيا على الوصول للمال، وستفقد الشركات الروسية في حال حظرها إمكانية الدخول إلى المعاملات السلسة واللحظية التي يوفرها نظام سويفت، وستتأثر المدفوعات الخاصة بمنتجات روسيا المهمة في قطاع الطاقة والزراعة سلبيا بدرجة كبيرة للغاية، وهو ما من شأنه أنْ يضر أيضاً بالشركات الأوروبية التي تزود روسيا بالسلع وتشتري منها، ولا سيما الشركات الألمانية، فروسيا تُعتبر المزوّد الرئيسي للنفط والغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، ولن يكون العثور على إمدادات بديلة أمراً سهلاً.

إنّ نوعية العقوبات التي تفرضها أمريكا على روسيا لا ترهقها، وتهدف أمريكا إلى جعل روسيا تغرق في أوحال أوكرانيا لكي تبقى محتاجة لها على الدوام، ولكي تستخدمها في إبقاء أوروبا جزءا من المظلة الأمنية الأمريكية.

أمّا ما هو المتوقع من هذه الحرب فإنّه تقسيم أوكرانيا لمنطقتين مُتعاديتين إحداهما في الشرق موالية لروسيا والثانية في الغرب موالية لأمريكا، ويكرّس هذا العداء الذي ينشب بين الطرفين نار الحقد والحسد والبغضاء بينهما أمدا بعيدا.

 احمد الخطواني