الأحد، 5 مايو 2013

الغرب الصليبي الحاقد يُصعِّد من حملاته المسعورة ضد رموز الإسلام والأمة الاسلامية تتصدى له بإيمانها وصمودها



الغرب الصليبي الحاقد يُصعِّد من حملاته المسعورة
ضد رموز الإسلام والأمة الاسلامية تتصدى له بإيمانها وصمودها

مع إشراقة كل صباح تطلع علينا وسائل الإعلام الغربية بأخبار جديدة عن آخر الحملات الصليبية المسعورة التي تشنها الدول الغربية ضد رموز الإسلام وقيمه ومفاهيمه الحضارية، وكأنه لا شغل لهم إلاّ التطاول على المسلمين.
فتارة يستهدفون الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام بالرسوم المسيئة فينشرونها في شتى وسائط الإعلام، ثم يجددون نشرها وتوزيعها وعلى فترات زمنية بالتراخي في الصحف والمجلات الغربية التي تصدر في هذا القطر الأوروبي أو ذاك، وتارة أخرى يتناولون الحجاب والجلباب والنقاب بالقدح والذم والتجريم، وتارة ثالثة يعتدون بأسلوب همجي على المساجد والمصاحف، ويدنسون الآيات القرآنية فيضعونها في مواضع قبيحة لا تليق بقداستها لاستفزاز مشاعر المسلمين وإذلالهم، وتارة رابعة يمنعون بناء المآذن في هذه الدولة أو تلك، والاعتداءات على رموز الاسلام لا يبدو انها ستتوقف في القريب العاجل لأنها سياسة موجهة ضد الاسلام والمسلمين تتبناها الدول الغربية وتُحرض العوام على اتباعها.
إنها حرب قذرة يشنها الصليبيون الأوروبيون والغربيون ضد الإسلام وأهله ورموزه في محاولة يائسة منهم لإبعاد المسلمين عن دينهم وإسقاط المفاهيم الإسلامية من واقع حياتهم.
لقد اتخذوا من الإسلام عدواً وحيداً ورئيسياً لهم بعد سقوط الشيوعية، ولعل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر قد عبَّرت عن ذلك مبكراً في العام 1989م بعد اجتماع حلف شمال الأطلسي عندما صرَّحت أمام الصحفيين بالحرف: "إننا الآن على وشك الانتهاء من الخطر الذي كنّا نخاف منه في الاتحاد السوفياتي، ولكن هناك الخطر الأكبر القادم من خلف البحر المتوسط، وعلينا أن نستعد له".
وبعد هذا التصريح الصليبي الحاقد ضد المسلمين ظهر مصطلح (الإسلاموفوبيا) وذاع في وسائل الإعلام الغربية وأصبح التخويف من الإسلام أمراً شائعاً في جميع الدول الغربية، وتم ربط الإسلام بالإرهاب والفاشية والتطرف، ونُعت القرآن الكريم بأنه كتاب إرهابي يُخرّج الارهابيين، وتحدث الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001م عن الفاشية الإسلامية فردَّد عبارة الحرب ضد الإسلام الفاشي عشر مرات في خطابه، وتقاسمت الدول الأوروبية مع أمريكا وكندا واستراليا الأدوار في هذه الحرب، فتولت فرنسا الحرب على الحجاب والنقاب، وتولت سويسرا الحرب على المآذن، وتولت الدانمارك الحرب على رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم فنشرت الرسومات المسيئة، وتناوبت سائر الدول الأخرى في تحمل مسؤوليات هذه الحروب الحضارية الشرسة ضد رموز الإسلام ومفاهيمه الحضارية تحت ذرائع حرية الرأي وحرية التعبير وحرية المعتقد وحرية الصحافة، وقد صدق الله سبحانه في وصف هؤلاء الأعداء بقوله: )وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْأَذًى كَثِيراً(.
وهذا الأذى الذي أوقعوه بالمسلمين هو ما ظهر صراحة على جوارحهم، وهو عينه الذي خرج إفكاً من أفواههم، وإن ما لم يظهر وما لم يخرج لا ريب أنه أكبر وأعظم بكثير مما ظهر لقوله تعالى: )قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ(.
إنهم يستنفرون كل قواهم السياسية والفكرية والإعلامية في محاربة الإسلام وذلك في نفس الوقت الذي يدعون فيه إلى حوار الأديان وتعايش الحضارات فيا لها من مهزلة!!.
وبدلاً من قيام الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين بإيقاف حملاتهم الصليبية المسعورة ضد الإسلام قامت بالترويج لمفاهيم حوار الأديان والتعايش الحضاري واحترام الآخر وما شاكل ذلك من مفاهيم زائفة، بينما تنشط الدول الغربية في توجيه سمومها نحو المسلمين في كل مناسبة. فشيخ الأزهر السابق الذي كان يقف على رأس أكبر مؤسسة علمية شرعية في العالم - بحسب ما يقولون - وبدلاً من أن يتصدى لهذه الحملات الصليبية الواضحة، نجده يتواطأ مع قادة تلك الحملات المسعورة، فيطمئن ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية في مسألة الحجاب فيقول له: "إذا كانت المرأة المسلمة تعيش في دولة غير إسلامية كفرنسا وأراد المسؤولون بها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب للمرأة المسلمة فهذا يُعد من حقهم وأُكرر هذا حقهم الذي لا أستطيع أن أعارض فيه كمسلم لأنهم غير مسلمين ... وفي هذه الحالة عندما تستجيب المرأة المسلمة لقوانين الدولة غير المسلمة تكون من الناحية الشرعية في حكم المضطر"، ثم يؤكد شيخ الأزهر هذا الرأي لساركوزي نفسه عندما صار رئيساً للجمهورية الفرنسية فيقول: "أنا ليس لي شأن بقرار الرئيس الفرنسي بمنع ارتداء النقاب في بلاده لأن لكل دولة قوانينها التي تحكمها وهذا أمر داخلي تنظمه كل دولة كيفما تشاء".
فإذا كان شيخ أكبر مؤسسة إسلامية دينية يتواطأ مع أعداء الاسلام في الهجوم الفكري على أهم رمز من رموز المسلمين فهل يبقى بعد ذلك أي قيمة لتلك المؤسسة؟!
إن تركيز الغرب هجومه على الحجاب بشكل خاص لأنه رأى أن حجاب المرأة مانع من أهم الموانع التي تحول دون تفتيت الأسرة المسلمة، ودون تمييعها، وبالتالي تحول دون تفتيت مجتمعات المسلمين، وتدمير ما تبقى من روابط الناحية الاجتماعية الإسلامية التي ما زالت موجودة عندهم، كونها تحافظ على الحد الأدنى من الشخصية الإسلامية المتميزة.
فالهجوم على الحجاب يعني الهجوم على معاني العفة والطهر والنقاء عند المرأة، وهي المعاني التي تُجسد هوية المرأة المسلمة وتُميزها عن المرأة الغربية التي تُعامل في الغرب كسلعة جنسية يتلهى بها الرجال.
فالحجاب إذاً ليس هو مجرد غطاء للرأس وحسب، بل إنه مظهر من أهم مظاهر الحياة الإسلامية، وانتشاره أو انحساره بين المسلمين يعكس بالفعل حالة الصحوة أو الغفوة لديهم.
إن انتشار الحجاب في بلاد المسلمين وفي الجاليات المسلمة في بلاد الغرب بات معياراً ومقياساً حقيقياً للتعبير عن إقبال المسلمين على دينهم والتزامهم بأحكام شريعتهم. والحرب الشعواء المعلنة اليوم على الحجاب ما هي إلاّ امتداد للحرب على الإسلام بمبررات جديدة وذرائع جديدة.
على إن انتشار الحجاب في بلاد الغرب تحديداً يمنع تحقيق ما يسمى بفكرة اندماج المسلمين الذين يقطنون في الدول الغربية، لذلك كان ذلك الانتشار ظاهرة مقلقة جداً لدى الغربيين بمختلف مشاربهم لأنهم لم يجدوا حلاً لها إلا بسن القوانين والتشريعات الجائرة والمخالفة حتى لفكرة الحريات عندهم والتي تضع العقبات أمام المحجبات للضغط عليهن، ولمنعهن من المشاركة في الحياة العامة إذا ما استمروا بارتدائه.
لقد انساقت غالبية الشعوب الإسلامية الواقعة تحت تأثير الاستعمار الفكري بعد سقوط الخلافة الاسلامية في عدم التزام المسلمات بالحجابن وكانت تلك الأيام حلماً جميلاً للدول الاستعمارية ، واستمر لعدة عقود، لكن الحلم الجميل سرعان ما تحول إلى كابوس ثقيل مزعج بالنسبة للغربيين، وذلك عندما عاد الحجاب لينتشر بين المسلمات انتشار النار في الهشيم في معظم البلدن الاسلامية وفي جميع البلدان الغربية، فجنّ جنون القادة الغربيين بسبب انهيار ما كان أمراً واقعاً بسرعة عجيبة .
فلقد كان خلع الحجاب وإحراقه أيام سعد زغلول في مصر نقطة تحول مهمة في حياة المرأة المسلمة نحو السفور وتقليد المرأة الغربية في مطلع القرن العشرين، إلاّ أن ذلك قد تلاشى وأصبح أثراً بعد عين.
كما أنه لم ينفع تشدد العديد من الأنظمة العلمانية الحاكمة في العالم الإسلامي ضد الحجاب، وقد أدّى إلى نتائج عكسية وزاد من إقبال النساء على الحجاب بدلاً من إحجامهم عنه.
وكذلك لم تُجد نفعاً تلك المؤتمرات التي رعتها الأمم المتحدة عن ما يسمى بتحرير المرأة ومساواتها بالرجال، وإعطائها الحق في التبرج والتعري والعهر، ولم يتمخض عنها أية نتائج تُذكر.
وبقيت المرأة المسلمة متمسكة بأوامر الله عز وجل الذي طالبها بارتداء الحجاب ضاربة بعرض الحائط كل محاولات الغربيين الكفار وعملائهم الرامية إلى خلعه. استجابت النساء لقوله تعالى )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ( ولم تستجب لكل الأبواق الناعقة التي تدعوها إلى مخالفة أمر ربها.
إننا في حزب التحرير ندعو شعوبنا الإسلامية في كل مناطق تواجدها لأن تحافظ على رموز الإسلام وفرائضه وشعائره، ومنها حجاب المرأة باعتباره أحد أهم حلقات الدفاع عن الأسرة المسلمة، وعن الفرد المسلم، وعن المجتمع المسلم. وإننا وإذ ندعو المسلمات بشكل خاص وفي مؤتمرات خاصة بهن لمعرفة واجباتهن في الحفاظ على الأسرة، وبناء الأجيال الرائدة في خدمة دينها وقضايا أمتها.
وإننا نُضمن جزءاً من الدعوة الإسلامية التي نحملها للعالم كثقافة إسلامية نُضمّنها أفكاراً تتعلق بالنظام الاجتماعي الذي ينظم العلاقات السوية بين الرجال والنساء في مجتمعاتنا وفقاً للأحكام الشرعية المستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه، ونعتبر هذه الثقافة جزءاً لا يتجزأ مما يجب حمله، وتبنيه، والدعوة إلى الالتزام به، بوصفه أحد أسيجة الحماية القوية التي تفرضها الدعوة الإسلامية علينا لحماية نسائنا وأطفالنا من قذارات الحضارة الغربية.
والاسلام يرى أن حصانة المرأة والأسرة في المجتمع الإسلامي هي النواة الأساسية الصلبة في بناء الدولة الإسلامية وطيدة الأركان، وأنها هي الحصن الأول الذي يذود عن حمى الاسلام ويحمي بيضة المسلمين ويحول دون تسرب أي غزو فكري دخيل لمجتمعات المسلمين.

ولعل من تمام القول وفي هذه المناسبة الطيبة  أن نُذكّر بإن حزب التحرير قد جهّز دستوراً متكاملاً للدولة الاسلامية الآتية بإذنه تعالى، وفصَّل فيه مواد النظام الاجتماعي تفصيلاً دقيقاً، وجعل هذا الدستور بمواده تلك حاضراً للتطبيق في دار الإسلام فور قيام دولة الخلافة.
ولن يُفلح الغرب الصليبي الحاقد في نفث سمومه وبث شروره في مجتمعاتنا الاسلامية مهما حاول ومهما جرّب من مؤامرات، فقد سأمت الامة الاسلامية الثقافة الغربية بعد تجرعت بسببها الويلات، وها هي تعود إلى حضنها الاسلامي الحاني، وتلفظ ثقافة الغرب المادية الهابطة، وتنبذ عملاءه من الحكام والمضبوعين بثقافته المنحطة، وها هي سهام الغرب المسمومة قد أخطأت أهدافها، وارتدت على قاذفيها.
وإذا كان الحكام العملاء قد تآمروا مع هجمات الغرب الصليبية الحاقدة، فإن الامة لم تتوقع منهم غير ذلك، لأنها أصلاً قد فقدت أي أمل في إصلاحهم، ولم يبق أمامها سوى الانتفاضة ضدهم، وعصيانهم، والإطاحة بهم، لتتمكن من تنصيب خليفة تُبايعه على كتاب الله وسنة نبيه، وليتم بمبايعته إقامة الخلافة واستئناف الحياة الاسلامية التي توقفت منذ ما يُقارب التسعين عاماً، فتصد هجمات الكفار عن المسلمين، وترد عليهم الصاع صاعين، وتُعيد هيبة الأمة، وتُنسي الصليبيين وساوسهم، وتُلاحقهم في عقر دارهم، ليعلموا أن الله حق، وليتحقق وعد الله للمسلمين بالاستخلاف، ولينجز وعيده للكافرين بالثبور، والله غالب على أمره فهو سبحانه لا يُخلف وعده، ولينصرن الله من ينصره انه لقوي عزيز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق