الثلاثاء، 26 مارس 2013

قضية فلسطين




قضية فلسطين

فلسطين هي الأرض المباركة، أرض الإسراء، يتوسطها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، الذي يُشد إليه الرحال كما يُشد إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وهي أرض الرباط والجهاد والثغر المتقدم في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.
فتحها عمر بن الخطاب t ثاني الخلفاء الراشدين في السنة الخامسة عشرة للهجرة، وتسلمها من صفرونيوس وأعطاه العهدة العمرية المشهورة التي من نصوصها عدم سكن اليهود فيها.
لقد بدأت المعارك الفاصلة مع الروم في فلسطين وما جاورها كمعارك مؤتة وأجنادين وحطين التي مهّدت لنشر الإسلام في جميع بلاد الشام.
أصبحت فلسطين وبلاد الشام جزءاً رئيسياً من أرض الإسلام طوال الألف والثلاثمائة عام تخللتها فترة قصيرة أيام الغزو الصليبي للفرنجة والغزو المغولي.
في معركة حطين التي وقعت في سنة 583هـ الموافق للعام 1187م كسر صلاح الدين الأيوبي شوكة الفرنجة وتلاها فتح بيت المقدس، وبعد أقل من مائة عام كسر المماليك بقيادة بيبرس وقطز شوكة المغول وعادت فلسطين وبلاد الشام إلى حظيرة الإسلام.
عادت قضية فلسطين لتتحرك دولياً مع ضعف الدولة العثمانية حيث طرح نابليون بونابرت لأول مرة فكرة إقامة كيان يهودي فيها في العام 1800 ولكنه هزم على أبواب عكا وسقط طرحه هذا بهزيمته.
تلقفت الدول الأوروبية وأمريكا الفكرة بعد نابليون ووجدوا فيها ضالتهم للعودة إلى فلسطين وبلاد الشام بعد أن طردوا منها أيام الصليبيين، فتحدث الرئيس الأمريكي جون آدمز بالفكرة في العام 1818م ثم عرضتها بريطانيا في عام 1840م على محمد علي والي مصر لحل النزاع بينه وبين الدولة العثمانية ثم تبلورت الفكرة في تأسيس المنظمة الصهيونية بقيادة ثيودور هرتسل التي أعلن عنها من بازل بسويسرا في العام 1897م في المؤتمر الصهيوني الأول.
وفي العام 1907م عرضت بريطانيا فكرة إقامة الدولة اليهودية في فلسطين على الدول الأوروبية في مؤتمر لندن تحت اسم وثيقة بترمان الذي كان رئيس الوزراء البريطاني آنذاك. وبعد عشر سنوات ومع هزيمة الدولة العثمانية وتقهقر قواتها من فلسطين وتقدم القوات البريطانية فيها أعلن الجنرال البريطاني من القدس أحقاد أوروبا وتشفيهم من المسلمين بقوله: "الآن انتهت الحروب الصليبية".
وفي نفس العام 1917م الذي دخلت فيه القوات البريطانية إلى فلسطين تم إصدار وعد بلفور بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين.
وفي اتفاقية سايكس بيكو التي سبقت بعام صدور وعد بلفور كانت بريطانيا وفرنسا قد اعتبرت فلسطين منطقة انتداب دولية بخلاف باقي مناطق بلاد الشام وذلك تمهيداً لتحضيرها وتسليمها لليهود.
وفي العام 1947م صدر قرار التقسيم عن الأمم المتحدة بدفع أمريكي يمنح اليهود أكثر من نصف فلسطين ويمنح العرب الباقي واعترفت أمريكا بعد دقائق من صدور القرار وتوالت الدول بالاعتراف بالكيان اليهودي ومن أهمها دولة الاتحاد السوفياتي.
ونتيجة لذلك اندلعت حرب عام 1948 بين سبعة جيوش عربية وبين العصابات اليهودية وأسفرت عن هزيمة الجيوش السبعة وسيطرت العصابات على حوالي 78% من فلسطين فيما سيطرت الدول العربية على نسبة 22% المتبقية.
وكانت أسباب هذه الهزيمة المنكرة لا تحتاج إلى تفسير إذا أدركنا أن الضابط الإنجليزي كلوب باشا كان بمنزلة قائد أركان الجيش الأردني بينما كان الجيش المصري يخضع للملك فاروق الذي لا يملك في مصر من الحكم إلا الاسم، بينما القوات البريطانية هي التي كانت تتحكم بحركة الجيش المصري.
ولقد تحققت الأهداف الغربية في إيجاد جسم غريب في قلب المنطقة الإسلامية أشغل المنطقة بصراعات لا تنتهي عوضاً عن انشغاله بالوحدة ومحاربة الاستعمار.
بدأت أمريكا في مطلع الخمسينات بالتفكير في الحلول محل بريطانيا في المنطقة فكان أول اجتماع للدبلوماسيين الأمريكيين في الشرق الأوسط في اسطنبول في العام 1950م برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية جورج ماغي والذي أسفر عن التوصية بفصل السياسة الأمريكية عن السياسة البريطانية في المنطقة وتبني مشروع تقسيم فلسطين وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية.
وفي العام 1959م بدأت أمريكا في نهاية حكم آيزنهاور بوضع آليات تنفيذ خطتها فظهر مشروعها بإقامة كيان فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة مع تدويل القدس وأوكل أمر تنفيذه إلى عملائها في المنطقة في ذلك الوقت وهم الرئيس المصري عبد الناصر والرئيس العراقي عبد الكريم قاسم والملك السعودي سعود بن عبد العزيز والذين شرعوا في الضغط على الملك حسين لحمله على التخلي عن الضفة الغربية لإقامة كيان فلسطين فيها.
وفي العام 1960م عقد مؤتمر شتورا في لبنان ووافق رئيس الوزراء الأردني هزاع المجالي تحت الضغط على إقامة الكيان الفلسطيني لكنه قتل بعد ذلك في عمان.
وفي العام 1961م جاء جون كندي إلى الحكم في أمريكا فبدأ حكمه بإرسال خمسة رسائل إلى خمسة من القادة العرب وهم عبد الناصر والملك سعود وعبد الكريم قاسم والملك حسين وفؤاد شهاب وفي هذه الرسائل تتعهد أمريكا بتمويل قضية اللاجئين وبحل مشكلة المياه في الأردنـ إلا أن كل تلك الضغوط والإغراءات لم تقنع الملك حسين ومن ورائه بريطانيا على الموافقة على هذا المشروع الأمريكي.
وفي نفس العام عقد مؤتمر قمة في القاهرة ودعي إليه الملك حسين لبحث الموضوع وفي نفس الوقت اتصل السفير الأمريكي في عمان برئيس الوزراء الأردني بهجت التلهوني وعرض عليه الفكرة لكن الملك حسين استدعى التلهوني وهدده وأفشل المؤتمر.
وفي العام 1964م قام عبد الناصر وبترتيب أمريكي بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري لسحب البساط من تحت أقدام الملك حسين في مسألة تمثيل الفلسطينيين خاصة الذين يقطنون في الضفة الغربية. وبدأ الشقيري بالترويج لإقامة الكيان الفلسطيني فردت بريطانيا على ذلك بإيفاد عميلها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في العامين 64 وَ 65 إلى الأردن وفلسطين للترويج لفكرة الدولة العلمانية الواحدة في فلسطين بدلاً من مشروع الدولتين الذي تبنته أمريكا.
وانقسم حكام وزعماء المنطقة بين هذين المشروعين الدولة الواحدة أو الدولتين وذلك كانعكاس لما تبنته أمريكا وبريطانيا.
وقعت مسرحية حرب عام 1967م وفيها سلَّم الملك حسين الضفة الغربية لليهود للتخلص من الضغوط الواقعة عليه لإقامة كيان فلسطيني فيها ودخلت المنطقة في حالة جمود جديدة صاروا يتحدثون فيها عن كيفية إزالة آثار العدوان.
رتبت أمريكا في العام 1973م حرباً تحريكية تمخض عنها في العام 1978م معاهدة كامب ديفيد بين النظام المصري بقيادة أنور السادات ودولة يهود تنص على إعادة سيناء لمصر خالية من السلاح وأُخرجت بذلك مصر من المعركة. في العام 1982م وبعد الغزو (الإسرائيلي) إلى لبنان وقَّع عرفات تحت ضغط أمريكي على وثيقة مكلوسكي وفيها اعتراف رسمي بحق (إسرائيل) في الوجود واعتراف بجميع القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما فيها القرارين 242 ، 338.
في العام 1988 أعلن الملك حسين عن قراره بالفصل القانوني والإداري ما بين الأردن والضفة الغربية، وفي نفس العام انعقد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر واعترف (بإسرائيل) وطالب بإقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967م فقط وبذلك تخلت منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً ولأول مرة عن مشروعها في تحرير كل فلسطين أو في إقامة دولة علمانية واحدة فيها.
جمعت أمريكا جميع الأطراف بعد حرب الخليج في العام 1990م ووضعت أسس عملية التسوية للوصول إلى تحقيق هدفها بإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية.
حصل اختراق أوروبي في العام 1993م ووقَّع ياسر عرفات على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وَ (إسرائيل).
فقدت المنظمة فاعليتها بمجيء زعمائها إلى فلسطين وخضوعهم للاحتلال اليهودي والتفاوض العقيم على أمور هامشية.
في العام 2000م فشل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون من إبرام اتفاق شامل بين عرفات وباراك رئيس وزراء دولة يهود بسبب عدم تهيئة الرأي العام في المنطقة.
ومع قدوم الرئيس الأمريكي بوش انشغلت أمريكا بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001م بمغامراتها العسكرية في أفغانستان والعراق وانشغلت المنطقة بمشروعين:
الأول: المبادرة العربية التي اقترحها عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي السابق والملك الحالي والتي تحولت إلى مبادرة عربية تم إقرارها في مؤتمر بيروت في العام 2002م وخلاصتها إقامة التطبيع الجماعي للدول العربية مع (إسرائيل) مقابل السماح بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقطاع.
الثاني: خطة خارطة الطريق في العام 2003م التي وضعتها أمريكا للتغطية على غزوها للعراق وتبنتها الرباعية الدولية ويغلب عليها الطابع الأمني وتحويل السلطة إلى ذراع أمني لحماية دولة يهود.
وفي العام 2004م وضع شارون رئيس وزراء دولة يهود خطة بالتنسيق مع أمريكا للانسحاب من قطاع غزة من طرف واحد ليتحول القطاع بعدها إلى هدف مشروع للتدمير والحصار وتقسيم السلطة إلى سلطتين واحدة في الضفة وأخرى في غزة وليصبح الحديث مركزاً على المصالحة بين فتح وحماس وأن عدم المصالحة بينهما هو الذي يحول دون إقامة الدولة الفلسطينية كما تُشيع وسائل الإعلام.
مع مجيء باراك أوباما إلى السلطة طرحت فكرة جديدة ونوع جديد من المفاوضات غير المباشرة تخول فيها السلطة أمريكا بالتفاوض مع (إسرائيل) نيابة عنها لفترة محددة حتى تعود المفاوضات المباشرة وتستأنف العملية السلمية.
إن ضياع فلسطين ما كان ليحصل لولا تآمر الحكام العرب وزعماء الفلسطينيين مع أعدائهم، فمشكلة هؤلاء القادة أنهم لم يدركوا أن التعامل مع الدول الكبرى الغربية يماثل التعامل مع (إسرائيل) نفسها، فقبلوا بأن تكون أمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية الكبرى دولاً محايدة تقوم بدور الوسيط مع علمهم علم اليقين بأن هذه الدول هي التي صنعت (إسرائيل) ومدتها بكل أسباب الحياة.
إن هذه الغفلة السياسية هي نوع من أنواع الخيانة أوصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه من سيطرة دولة يهود على كل مفاصلها.
إن عقلية التنازل التي سادت التفكير السياسي لهؤلاء الزعماء هي التي جعلتهم يتنازلون عن فلسطين بشكل تدريجي، فتنازلوا أولاً عن المناطق المحتلة عام 1948م، ثم تنازلوا ثانياً عن بناء المستوطنات اليهودية ورضوا بالتفاوض مع بناء المستوطنات، وتنازلوا عن البدء بتناول مسألة القدس في المفاوضات باعتبارها لب القضية وتفاوضوا ولمدة 18 سنة في قضايا هامشية وثانوية. إن هذه العقلية هي التي أودت بفلسطين وسارت بها نحو التصفية.
إن المشكلة الأساسية في هذه القضية بدأت من لحظة فصل فلسطين عن محيطها الإسلامي وتحويلها من كونها قضية إسلامية إلى قضية عربية ثم مسخها إلى قضية فلسطينية تخص أهلها وحدهم، وبذلك تكون دولة يهود قد تعاملت مع أضعف ند لها. فجميع المسلمين يعرفون أن هذه القضية متصلة بالعقيدة الإسلامية ولا يجوز التفريط بها كما لا يجوز حصر معالجتها بأهل فلسطين وفرض ممثلين منهم يقومون بخيانة القضية وتسليم فلسطين لليهود وعلى دفعات.
إن حل هذه القضية من وجهة نظر الإسلام كما يجب أن يفهمها كل مسلم تقضي بجهاد اليهود جهاداً مستمراً حتى يتم القضاء على دولتهم وتحرير كل فلسطين من رجسهم ولو أدّى ذلك إلى سقوط ملايين الشهداء، ففلسطين التي جبل ترابها بدماء الصحابة والتابعين والمجاهدين والفاتحين لا تقبل من المسلمين غير هذا الطريق. والمسألة يجب أن تنحصر بتحريرها فقط فلا يجوز القبول بأي وجود غير إسلامي في فلسطين فالمسألة مسألة وجود وليست مسألة حدود كما كانوا يشيعون ذلك ولا يفعلوه. وحزب التحرير يسعى لإقامة الخلافة الإسلامية التي سيعمل جيشها على دك حصون اليهود في فلسطين كما فعل رسول الله r في خيبر.
1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق