نظام سويفت المالي العالمي أداة تحكم وهيمنة في اقتصاد العالم
في ظل نظام رأسمالي استعماري دولي سائد في العالم، وفي ظل تشابك
العلاقات التجارية والمالية العالمية، فإن وجود نظام مالي عالمي يتماهى معه، كان ضرورةً
مُلحّة، واستجابةً ماسّة لتسهيل تلك العلاقات، فكان نظام سويفت هو النظام المالي
العالمي المُوازي للنظام الرأسمالي العالمي، وهو المسمّى بجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك الذي تأسّس
في بلجيكا عام 1973 من 248 بنك في 19 دولة، ثمّ توسع فيما بعد ليضم أكثر من
12000مؤسسة ومنظمة مالية من أكثر من 210 دولة ، ويُعرف هذا النظام أيضاً بنظام
مجموعة المعاملات والتحويلات البنكية الدولية بين البنوك، فهي شبكة اتصالات مصرفية
عالمية تشترك فيها معظم البنوك في العالم، وتنخرط هذه البنوك في إطار منظمة
تعاونية غير ربحية مملوكة لأعضائها، وتقوم بتقديم خدمات على مستوى عال من الكفاءة
وبتكلفة قليلة، وظهرت الحاجة إلى سويفت في العالم بعد ظهور نمو واضح في حجم التجارة الدولية،
وباشرت عملها عام 1977، ويستخدم هذا النظام أحدث الوسائل العلمية في مجال ربط
وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ
ذلك في مختلف الدول، ويلعب نظام سويفت الدور الأبرز والأهم في الضبط والتحكم المالي العالمي، ويمر عبره
سنوياً قرابة 4 مليارات صفقة مدفوعات، وبمبالغ يومية تقدر بتريليونات الدولارات من
مدفوعات المعاملات المالية، التي تمر عبر البنوك والمؤسسات المشتركة فيه، سواء
أكانت شركات أو بورصات أو مراكز ايداع أو سماسرة أموال ومُضاربون أو مصارف صغيرة
او مراكز تجارية أو مكاتب تقديم خدمات مالية كإيصال الحوالات، أو أية أعمال مالية
أخرى، ويقوم نظام سويفت بمعالجة ونقل أكثر من 25 مليون رسالة
يومياً، وتوفر شبكة سويفت لمستعمليها السرعة والأمان في
إنجاز المعاملات، بالإضافة إلى كونها متاحة على مدار 24 ساعة، فعملية نقل المعلومات عبر الشبكة لا تتطلب
إلا بضع ثوان، ولا تتم إلا بعد تشفير الرسائل بفضل تقنيات متطورة مُستخدمةً أحدث الوسائل العلمية في مجال ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال،
من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ ذلك بمختلف الدول، وهو ما يُسهّل للمشترك من
مقابلة احتياجات العملاء الأجانب والمحليين بسهولة ويسر، وبأقل كلفة، كما أن إجراءات التثبت من هوية المستعملين
تُنفذ بصرامة بالغة، وهذا كله من أجل ضمان سلامة وحماية الرسائل المتبادلة من أي
قرصنة، وتوفير أقصى درجات الأمان للمستخدِمين، وبذلك تتحكم سويفت اليوم
بمجمل المدفوعات العالمية، فهي تقوم عملياً بدور الوسيط الذي يربط بنوك العالم
كافة.
وأمّا الأعضاء المؤسّسون
لنظام سويفت ما أطلق عليهم منظومة البنوك المركزية الست المسماة :G6 وهي البنك الفيدرالي
الأمريكي، المركزي الأوروبي، بنك إنجلترا، البنك الياباني، البنك السويسري، والبنك
الكندي.
وأمّا سائر العملات الأخرى فلا قيمة لها في هذه المنظومة، فالغرب بقيادة
أمريكا استخدم سويفت كأداة هيمنة مالية عالمية مُحكمة منذ سبعينات القرن الفائت
وحتى الآن، وفرض عملاته على العالم، فأصبح
91.7% من المدفوعات المالية في
العالم تأتي من هذه العملات الست لا غير، وهي التي تُطبع في البنوك المركزية لهذه
الدول.
ورغم أن النظام يُدرج في
تداولاته 20 عملة عالمية أخرى، إلاّ أنّ الدولار واليورو لهما النصيب الأكبر من
مدفوعات نظام سويفت بنسبة 80.7% من تعاملات سويفت الدولية العابرة للحدود في عام
2017، بينما كانت نسبة اليوان الصيني 2.3 % في العام 2016 ، ثمّ انخفضت النسبة في عام 2017 إلى 1.6%، وهذه النسبة لا شك أنّها تُعتبر
ضئيلة جداً قياساً مع الدور التجاري والتمويلي الصيني الكبير، خاصة بعد أن أدرج
صندوق النقد الدولي في عام 2015 اليوان الصيني كواحدة من عملات سلة الاحتياطي
العالمي، واحتل المرتبة الثالثة عالمياً بنسبة 10% بعد الدولار واليورو، مُتفوقاً
على الجنيه الاسترليني والين الياباني اللذين حلا في المرتبتين الرابعة والخامسة
داخل الصندوق.
وهكذا نجد أنّ نظام سويفت يرفض زيادة نسبة التعامل باليوان الصيني
داخله، خاصةً بعد ظهور ميل لدى الصين للتعامل بعملتها مع شركائها التجاريين بشكل
مباشر بعيداً عن هذه المنظومة، وتحكم سويفت اليوم بمجمل
المدفوعات العالمية يجعل العملات الأخرى كالعملة الصينية والروسية والهندية
والبرازيلية وعملات الدول الصاعدة مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعملات الست يصل إلى درجة
التبعية، فاعتماد الاقتصاد الصيني واليوان على عملات البنوك المركزية الست لا يزال
كبيراً وضرورياً، وهو ما يُبقي الاقتصاد الصيني بالرغم من ضخامة حجمه واقعاً تحت
خطر التحكم المالي لمنظومة سويفت، وخاضعاً لشتى أساليب التضييق والعقوبات على
المستوى التجاري، وذلك لافتقارها إلى العملات الست وبالذات للدولار في أعمالها
التجارية اليومية.
ولقد شكّلت المبادلات بين اليوان والدولار في العام 2017 ما نسبته 97.8% من مجموع عمليات مبادلة العملة الصينية، بينما بين اليوان واليورو بنسبة 1.28%، وتدل هذه النسبة على أن التعاملات الصينية الدولية تتم بنسبتها الساحقة بالدولار الأمريكي.
وحتى التعاملات الصينية مع روسيا فإنّه وفقاً للبيانات الروسية فإنّ حصة الروبل الروسي فيها كان بنسبة 2.7% من الواردات، و9.4% من الصادرات، أي إنّ النسبة الأكبر من التعاملات التجارية بين البلدين تتم بعملات أخرى غير محلية ( غير اليوان والروبل ) أي تتم بالدولار.
وقد بلغت حصة الدولار من عائدات الصادرات الروسية إلى الصين في عام 2017 ما نسبته 78.8%،
وهو ما يعني أن التعاملات الصينية الروسية تخضع في معظمها للدولار، وبالتالي فهي تجري تلقائياً عبر منظومة سويفت، فلم تتمكّن لا الصين ولا روسيا من الخروج سويفت، لأنّهما إن فعلتا ذلك فإنّهما تُحرمان من التعامل مع أكثر من 12 ألف منظمة مالية عالمية مُنضوية في المنظومة، وهو ما يُجبر كل دولة أو مؤسسة إذا أرادت المُشاركة بالتجارة العالمية أنْ تقتني الدولار أو اليورو أو أي عملة أخرى من العملات الست لمُباشرة أعمالهما التجارية، وهذا الوضع يؤدي باستمرار إلى صعوبات كبرى في التمويل، وفي الدفع، وفي تنويع النشاط الاقتصادي بغير هذه العملات الست، وفي ذلك خطر استراتيجي وسياسي واقتصادي فظيع، خاصةً أنّ الصين وروسيا وغيرهما من الدول مضطرة للاحتفاظ بالدولار الأمريكي أو هذه العملات الست.
ولقد شكّلت المبادلات بين اليوان والدولار في العام 2017 ما نسبته 97.8% من مجموع عمليات مبادلة العملة الصينية، بينما بين اليوان واليورو بنسبة 1.28%، وتدل هذه النسبة على أن التعاملات الصينية الدولية تتم بنسبتها الساحقة بالدولار الأمريكي.
وحتى التعاملات الصينية مع روسيا فإنّه وفقاً للبيانات الروسية فإنّ حصة الروبل الروسي فيها كان بنسبة 2.7% من الواردات، و9.4% من الصادرات، أي إنّ النسبة الأكبر من التعاملات التجارية بين البلدين تتم بعملات أخرى غير محلية ( غير اليوان والروبل ) أي تتم بالدولار.
وقد بلغت حصة الدولار من عائدات الصادرات الروسية إلى الصين في عام 2017 ما نسبته 78.8%،
وهو ما يعني أن التعاملات الصينية الروسية تخضع في معظمها للدولار، وبالتالي فهي تجري تلقائياً عبر منظومة سويفت، فلم تتمكّن لا الصين ولا روسيا من الخروج سويفت، لأنّهما إن فعلتا ذلك فإنّهما تُحرمان من التعامل مع أكثر من 12 ألف منظمة مالية عالمية مُنضوية في المنظومة، وهو ما يُجبر كل دولة أو مؤسسة إذا أرادت المُشاركة بالتجارة العالمية أنْ تقتني الدولار أو اليورو أو أي عملة أخرى من العملات الست لمُباشرة أعمالهما التجارية، وهذا الوضع يؤدي باستمرار إلى صعوبات كبرى في التمويل، وفي الدفع، وفي تنويع النشاط الاقتصادي بغير هذه العملات الست، وفي ذلك خطر استراتيجي وسياسي واقتصادي فظيع، خاصةً أنّ الصين وروسيا وغيرهما من الدول مضطرة للاحتفاظ بالدولار الأمريكي أو هذه العملات الست.
وهكذا فسويفت يُعتبر سلاح مُهم وفتّاك بيد أمريكا وشركائها ضد أي دولة
يتقدم اقتصادها كالصين، أو يتطلّع للاستقلال
عن التبعية الغربية كروسيا، وسائر الدول التي تتطلع للانفكاك من هيمنة الدولار.
ويبرز تحكم أمريكا في منظومة سويفت أيضاً من خلال العقوبات التي
تفرضها أمريكا على الدول التي تُقرّر مُعاقبتها، وتضطر سويفت للرضوخ للإملاءات
الأمريكية عليها كما حصل مع ايران، حيث عوقبت الدول الأوروبية التي استثمرت
شركاتها أموالاً طائلة في ايران من قبل إدارة ترامب، بعد التوصل الى الاتفاق
النووي زمن أوباما.
وبسبب سيطرة أمريكا على سويفت، فإنّ الشركات الأوروبية التي ضخّت
أموالاً في ايران لم تتمكّن من العمل بحرية من أجل حماية مصالحها التجارية في
ايران، فقد اضطرت إلى الخروج منها خالية
الوفاض كشركة توتال الفرنسية التي أجبرت على الانسحاب من مشروع كبير للغاز الإيراني، بعد
أن ضغطت عليها أمريكا عبر منظومة سويفت.
ولم تجد ألمانيا التي خسرت شركاتها هي الأخرى استثمارات كبيرة في ايران بسبب العقوبات الأمريكية في مُواجهة أمريكا إلا إطلاق التصريحات غير المقترنة بالأفعال للتعبير عن غضبها إزاء تحكم أمريكا بسويفت، فقال وزير خارجيتها هايكو ماس:" إنه من الضروري أن يتم تعزيز الاستقلالية الأوروبية من خلال إنشاء قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، وإنشاء صندوق نقد أوروبي، ونظام (سويفت) مستقل".
حاولت روسيا والصين بدورهما انشاء شبكة بديلة عن سويفت لكنهما لم تنجحا في ذلك، وكذلك حاولت بعض الجهات المالية الخاصة انشاء أنظمة مالية رقمية الكترونية بديلة عن نظام سويفت كشبكة الريبل لكنها هي الأخرى لم تنجح.
ولم تجد ألمانيا التي خسرت شركاتها هي الأخرى استثمارات كبيرة في ايران بسبب العقوبات الأمريكية في مُواجهة أمريكا إلا إطلاق التصريحات غير المقترنة بالأفعال للتعبير عن غضبها إزاء تحكم أمريكا بسويفت، فقال وزير خارجيتها هايكو ماس:" إنه من الضروري أن يتم تعزيز الاستقلالية الأوروبية من خلال إنشاء قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، وإنشاء صندوق نقد أوروبي، ونظام (سويفت) مستقل".
حاولت روسيا والصين بدورهما انشاء شبكة بديلة عن سويفت لكنهما لم تنجحا في ذلك، وكذلك حاولت بعض الجهات المالية الخاصة انشاء أنظمة مالية رقمية الكترونية بديلة عن نظام سويفت كشبكة الريبل لكنها هي الأخرى لم تنجح.
إنّ الإطاحة بنظام سويفت يعني الإطاحة
بأمريكا من عليائها، ويعني أيضاً الإطاحة كذلك بشريكاتها ومُنافساتها وحليفاتها، وهذا لا تملكه إلاّ دولة
مبدئية يتناقض مبدؤها مع النظام الرأسمالي، ودولة الاسلام القادمة هي الوحيدة
المؤهلة للقيام بهذا الدور المفصلي العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق